هلا كندا – أعلنت الحكومة الفيدرالية عن خطة جديدة لتقليص حجم الخدمة العامة عبر تسريح 28 ألف موظف إضافي خلال السنوات الخمس المقبلة، في إطار مساعيها لتوفير 60 مليار دولار ضمن خطة «ميزانية كندا القوية 2025».
وأوضح التقرير أن الحكومة تستهدف خفض إجمالي عدد العاملين في القطاع العام من ذروته البالغة 367,772 موظفًا في مارس 2024 إلى نحو 330,000 موظف فقط بحلول عام 2028-2029، أي بتراجع يبلغ 40 ألف وظيفة تشمل التسريحات المباشرة، وبرامج التقاعد المبكر، ووقف التوظيف الجديد لتعويض المناصب الشاغرة.
وأشارت الميزانية إلى أن الحكومة ستخفض 16 ألف وظيفة بدوام كامل، من بينها 650 منصبًا تنفيذيًا، فيما ستُلغى 12 ألف وظيفة أخرى، منها 350 منصبًا إداريًا، من خلال برامج التقاعد المبكر والانسحاب الطوعي من الخدمة.
وقالت الحكومة في بيانها إن «هذه التخفيضات تمثل استمرارًا في السعي نحو بناء جهاز حكومي أكثر استدامة بحجم يقارب 330 ألف موظف بحلول عام 2028-2029، أي بانخفاض يبلغ 10 في المئة مقارنة بذروة عام 2023-2024».
وأكدت أن الحكومة تدرك صعوبة المرحلة الانتقالية، وتعهدت بتقليل الأعباء المترتبة على الموظفين المتأثرين، والحفاظ على التنوع داخل الخدمة العامة، وتشجيع جيل جديد من الكفاءات الشابة على الانضمام إلى القطاع العام.
وبحسب أمانة مجلس الخزانة الكندي، بلغ عدد التنفيذيين في الخدمة العامة 9,430 مسؤولًا حتى مارس 2025.
ولم تحدد الحكومة بعد الإدارات أو البرامج التي ستتأثر بالتخفيضات الجديدة، كما لم تكشف عن حجم المبالغ التي ستُوفَّر من خلال تقليص 28 ألف وظيفة إضافية.
غير أن الميزانية أشارت إلى أن التخفيضات ستأتي ضمن مراجعة شاملة للإنفاق، تقضي بتقليص ميزانيات بعض الوزارات بنسبة قد تصل إلى 15 في المئة.
وقال الخبير الاقتصادي في المركز الكندي للبدائل السياسية ديفيد ماكدونالد لقناة CTV News إن «منطقة أوتاوا – غاتينو ستتأثر بشكل كبير بهذه التخفيضات»، متوقعًا خسارة نحو 14 ألف وظيفة خلال الفترة الممتدة بين عامي 2024 و2028.
وأكدت الميزانية أن برنامج «الحوافز للتقاعد المبكر» سيسمح للموظفين الذين تجاوزوا سن الخمسين أو الخامسة والخمسين، ولديهم أكثر من عشر سنوات في الخدمة وسنتان على الأقل من الاستحقاق التقاعدي، بالتقدم للاستفادة من البرنامج الذي سيكلف الخزانة 1.5 مليار دولار خلال خمس سنوات.
وبيّنت البيانات الحكومية أن عدد موظفي الخدمة العامة ارتفع من 257,034 في عام 2015 إلى 367,772 في عام 2024، قبل أن ينخفض إلى 357,965 في مارس 2025.
وفي المقابل، أظهرت نتائج استطلاع للرأي أجراه مركز «كريستفيو ستراتجي» لصالح اتحاد موظفي القطاع العام أن 51 في المئة من الكنديين يعارضون عمليات التسريح الواسعة، في حين أيّد 36 في المئة فقط هذه الخطوة.
وتتضمن الخطة الحكومية وفورات قدرها 60 مليار دولار على مدى خمس سنوات، عبر «إعادة هيكلة العمليات الحكومية وتوحيد الخدمات الداخلية وتحجيم البرامج»، وفقًا لما ورد في الميزانية.
وقد وجّهت وزيرة المالية ورئيسة مجلس الخزانة جميع الوزراء إلى تحديد وفورات بنسبة 7.5 في المئة للسنة المالية 2026-2027، على أن ترتفع إلى 10 في المئة في 2027-2028، ثم إلى 15 في المئة في 2028-2029.
وتتوقع الحكومة أن تحقق وفورات قدرها 9 مليارات دولار في السنة المالية 2026-2027، و10 مليارات في 2027-2028، و13 مليارًا في 2028-2029، من خلال إعادة هيكلة الإدارات الحكومية وتقليص العمالة.
وشملت الميزانية أهدافًا محددة للتوفير داخل الوزارات، من بينها تقليص ميزانية الشؤون العالمية بمقدار 4.6 مليار دولار، تشمل خفض تمويل برامج الصحة العالمية، وتحديث خطط الاستجابة للطوارئ، إضافة إلى تحقيق وفورات بقيمة 3 مليارات دولار في وزارة العمل والتنمية الاجتماعية عبر تحسين الكفاءة التشغيلية واستخدام الذكاء الاصطناعي.
كما حددت الخطة تحقيق وفورات قدرها مليار دولار في وكالة الإيرادات الكندية من خلال تحديث الأنظمة الإدارية، إلى جانب خفض ميزانية وزارة التراث الكندي بمقدار 366 مليون دولار، بما يشمل تقليص تمويل صندوق الفضاءات الثقافية الكندية.
وأشارت الميزانية إلى أن الحكومة ستوفر 25.2 مليار دولار خلال أربع سنوات عبر «تحديث العمليات الحكومية»، بما يشمل رفع كفاءة الخدمات الإدارية، وتقليص نفقات السفر والتدريب، واستغلال التقنيات الحديثة.
كما ستُحقق وفورات إضافية عبر إجراءات أخرى، من بينها:
5.8 مليار دولار خلال أربع سنوات عبر تعديل فوائد المعاشات التقاعدية لأعضاء الشرطة الملكية وفقًا لمؤشر الأسعار.
4.4 مليار دولار بتعديل تغطية فوائد القنب الطبي للشرطة والمحاربين القدامى لتتماشى مع أسعار السوق.
2.7 مليار دولار عبر إعادة المساعدات التنموية الدولية إلى مستويات ما قبل الجائحة.
2.4 مليار دولار بإعادة توجيه البرامج الحكومية نحو دعم مشاريع الإسكان.
2.3 مليار دولار عبر تبسيط برامج البنية التحتية.
2.1 مليار دولار عبر تحديث الدعم الموجه للصناعات والعمال الكنديين.
600 مليون دولار بتقليص البيروقراطية في وزارة الخدمات العامة والمشتريات.
200 مليون دولار من خلال إنهاء برنامج غرس الأشجار الوطني.
وأكدت الحكومة أن وتيرة نمو الإنفاق على البرامج المباشرة ستتراجع من 8 في المئة إلى أقل من 1 في المئة سنويًا.
وفي سياق موازٍ، أعلنت الحكومة عن تطوير أداة وطنية للذكاء الاصطناعي بالتعاون بين «الخدمات المشتركة الكندية» ووزارتي الدفاع والأمن الإلكتروني، بهدف تعزيز الإنتاجية وتحسين الخدمات الحكومية، مع الحفاظ على السيادة الرقمية وحماية البيانات الوطنية.
وقالت الميزانية إن هذا المشروع سيدعم «الابتكار في الخدمات العامة» ويوفر فرصًا جديدة لقطاع التكنولوجيا الكندي.
كما أعلنت الحكومة عن إنشاء «مكتب التحول الرقمي» لتحديد الحلول التقنية وتوسيع استخدامها في مختلف الإدارات، مؤكدة أن الهدف ليس استبدال الموظفين بالذكاء الاصطناعي، بل تعزيز قدراتهم وتحسين الأداء عبر الأدوات الذكية.
وقال مايكل ويرنيك، رئيس كرسي «جارسلوفسكي» للإدارة العامة بجامعة أوتاوا، إن «الذكاء الاصطناعي لن يحل محل الإنسان، بل سيعمل على تعزيز مهامه وتحسين جودة الخدمات»، مشيرًا إلى أن هذه الخطوة تمثل «تحولًا مهمًا في آليات العمل الحكومي في كندا».
محرر أخبار في شبكة هلا كندا، يتمتّع بخبرة طويلة في مجال الصحافة والإعلام الإلكتروني


