هلا كندا – إن المتابع للعلاقات الامريكية الكندية يعلم جيداً بأنها علاقات متينة ضاربة في الجذور ، إذ أن التراث التاريخي والثقافي المشترك بينالدولتين اللتان تمتلكان أطول حدود مشتركة في أنحاء العالم والتي يبلغ طولها 891 كم جعل تلك العلاقات أكثر استقرارًا وأكثرها نفعًا فيالعالم والأهم بأن البلدين تمتلكان نمواً في التجارة هي الأعلى من إجمالي مجموع الواردات والصادرات السنوية ناهيك على أنهما يتمتعانبعلاقة تبادلية كبيرة فيما يتعلق بمجال الدفاع.
هذه اللمحة السريعة عن العلاقات الامريكية الكندية المتينة خلقت تساؤلات مبهمة عن تهديدات الرئيس الأمريكي المنتخب ترمب بفرض رسومجمركية بقيمة 25% على جميع المنتجات من كندا اعتباراً من أول يوم له في منصبه ، فقد نفهم مبررات ترمب بفرض رسوم على الصينوالمكسيك ولكن لماذا وضع ترمب كندا بنفس الكفة مع تلك الدول ؟ و ما الذي بين الرجل وبين كندا ؟
الواقع بأن ترمب لا يحب ترودو رئيس الوزراء الكندي ويعتبره غير جدير بقيادة كندا فهو برأي ترمب يسارياً مفرطاً في الحريات سواء كانت بمرونة تعامل ترودو مع المهاجرين واللاجئين أو عن طريق أعطاء المتحولين جنسياً حقوقاً أكبر في البلاد .. كل ذلك جعل ترمب الجمهوري المُحافظ يكسر التقاليد الأمريكية ، فمنذ توليه رئاسته الأولى يناير عام 2017 بدأ ترمب كسر التقاليد المتعارف عليها مع أوتوا والتي تقضي بأن تكون أول زيارة خارجية لأي رئيس امريكي هي كندا ، فكانت السعودية لترمب آنذاك هي محطته الأولى بدلاً جارته .
من الواضح بأن قرارات ترمب القادمة ليست اقتصادية كما يدّعي بل سياسية بأمتياز وذلك لأنه يقول بأنه يريد ضبط حدود كندا مع الولايات المتحدة ومنع ادخال المهاجرين والسيطرة على تجارة المخدرات كما يدعّي ،ولكن وكما قيل في تقرير عن هذه القضية بأن القصة ليست رمانة ولكنها قلوب مليانة .
ترمب وكما هي صراحته المفرطة قالها صراحة في أول ايام ولايته الأولى بأنه لا يحب كندا وكانه في الواقع كان يقصد بأنه لا يحب (كنداترودو).
هناك بين ترمب وترودو علاقة متوترة منذ بداية حكم الرجلين ألخصها في نقاط معينة :
1- في عام 2018 فرضت ادارة ترمب رسوماً جمركية على واردات الصلب والألمنيوم من كندا فبدأت حينها توترات اقتصادية بين البلدين.
2- في يوليو 2018 بعد قمة مجموعة السبع في كندا سحب ترمب دعمه للبيان الختامي للقمة متهماً ترودو بعدم النزاهة والضعف وأنتقدكندا لعدم التزامها بإنفاق 2% من ناتجها المحلي من الدفاع كما هو متفق عليه بين دول حلف الناتو
3- في ديسمبر 2019 وصف ترمب رئيس الوزراء الكندي ترودو بأنه (ذو وجهين) بعد انتشار مقطع فيديو يظهر فيه ترودو مع قادة آخرينفي قمة الناتو يتحدثون عن ترمب
4- في يوليو 2020 سألوا ترودو عن ردة فعله على سلوكيات ترمب مع المحتجين في الولايات المتحدة ما جعل ترودو يصمت عشرين ثانية قبلأن يجيب ما يعني بأنه قد سئم من ترمب
كل ذلك هي بعض الأسباب المعلنة ولكن الحقيقة هي الإختلاف بين اليمين واليسار .. بين المحافظين والليبراليين المنفتحين الذين فازوا في ثلاث انتخابات فيدرالية وهذا ما جعل ترمب يعتقد بأن جيرانه في كندا جميعهم ليبراليين.
على أية حال فإن ما بعد العشرون من يناير القادم يوم تنصيب الرئيس الأمريكي المنتخب سيحدد أكثر طبيعة العلاقات الاقتصاديةوالسياسية بين البلدين فهل ستعود لسابق عهدها متينة وقوية أم ستشهد توتراً جديداً في العلاقات .. وقد سبق كل ذلك الآن مطالبات الشركات الأميركية التي طالبت ترمب بالأمس بالتراجع بشأن الرسوم الجمركية معتبرة ذلك سيلحق الضرر بها .. فهل سيتراجع ترمب أمام مطلب شعبه على الأقل ، أم سيزيدها توتراً فوق التوتر الحالي في العالم .. اسئلة عدة ستجيب عنها قادم الأيام .
بقلم الصحفي : مراد ابو شباب
