بقلم: هيثم حمد
رئيس تحرير شبكة هلا كندا الإعلامية
انتهت الانتخابات الفيدرالية الكندية بفوز الحزب الليبرالي بقيادة مارك كارني، الذي شكّل حكومة أقلية بعد أن أخفق في الحصول على الأغلبية البرلمانية، إذ لم يتجاوز عدد المقاعد التي حصل عليها الحزب حاجز 50% من مقاعد مجلس العموم. لكن ما جعل هذه الانتخابات بالفعل لحظة تاريخية، لم يكن فقط نتائجها، بل الديناميكية الجديدة التي شهدتها الساحة السياسية، ومن أبرز ملامحها المشاركة المتزايدة للمجتمع العربي في كندا.
لقد شهدت هذه الانتخابات تغييرات كبيرة، من خروج بعض الوجوه السياسية التي اعتاد الكنديون رؤيتها في السنوات الماضية، إلى بروز شخصيات جديدة حملت تطلعات مختلفة. وكان من الرائع أن نرى في هذه الدورة الانتخابية مشاركة فاعلة للكنديين من أصول عربية، سواء من خلال الترشح أو التصويت أو العمل المجتمعي التوعوي.
بحسب الإحصائيات الرسمية، يبلغ عدد الكنديين العرب ما يقارب مليون نسمة، ويتركزون بشكل رئيسي في مدن تورونتو، ومونتريال، وأوتاوا، وكالغاري، وفانكوفر، ووندسور. ومع تزايد هذا الحضور العددي، بدأنا نلاحظ تصاعدًا موازيًا في مستوى الوعي السياسي والمشاركة في الحياة العامة.
في هذه الانتخابات، ترشح 8 أشخاص من أصول عربية في عدد من الدوائر الانتخابية عبر البلاد، تم انتخاب 5 منهم فعليًا، وهو إنجاز كبير ومصدر فخر لكل أبناء الجالية. هذا النجاح لا يأتي فقط من الحظ أو المصادفة، بل نتيجة سنوات من العمل المجتمعي والوعي المتزايد بقيمة المشاركة السياسية.
اللافت أيضًا هو دور العديد من المؤسسات العربية الكندية التي عملت على توعية المجتمع وتشجيعه على التصويت، إلى جانب الأفراد الذين استخدموا منصاتهم الشخصية ووسائل التواصل الاجتماعي لحث الآخرين على ممارسة حقهم الديمقراطي.
من خلال متابعتي الإعلامية المكثفة عبر شبكة هلا كندا، شهدنا اهتمامًا غير مسبوق من أبناء الجالية، حيث حقق موقع هلا كندا رقمًا قياسيًا في يوم الانتخابات بأكثر من 5 ملايين زيارة في يوم واحد، خلال متابعة تغطيتنا الحية لنتائج الانتخابات. وهذا الرقم يعكس حجم التفاعل والثقة التي يوليها الكنديون العرب لمنصتنا الإعلامية، ويؤكد تعطشهم للمشاركة والتأثير.
نحن في هلا كندا نفتخر بأننا كنا جزءًا من هذه الحملة التوعوية، بالتعاون مع منظمات ومؤسسات حكومية وغير حكومية، بهدف رفع مستوى الوعي بأهمية المشاركة في العملية الديمقراطية. واليوم، نرى نتائج هذه الجهود تؤتي ثمارها.
إن ما نطمح إليه مستقبلاً هو بناء لوبي سياسي عربي موحد يعمل لمصلحة الجالية العربية في كندا، ويدعم المرشحين العرب بغض النظر عن انتماءاتهم الحزبية، ويخلق منصات حوار حقيقية تسهم في بناء جيل واعٍ سياسيًا، منخرط في القرارات التي تمس حياته اليومية.
وفي ختام هذه المرحلة الانتخابية، نأمل أن يكون الحزب الليبرالي بقيادة مارك كارني على قدر تطلعات الكنديين من مختلف الخلفيات، خاصة في ظل التحديات الكبيرة على الصعيدين الداخلي والخارجي.
كل التحية لكل من ترشح وشارك وساهم في رفع صوت المجتمع العربي في كندا، في مختلف الأحزاب والتيارات السياسية. ومعًا نرسم مستقبلًا أكثر إشراقًا، يكون فيه للعرب الكنديين دور فاعل ومؤثر في صياغة سياسات هذا البلد الذي نعتبره وطنًا لنا.