هلا كندا – ألقى الملك تشارلز الثالث، يوم الثلاثاء، خطاب العرش الكندي، في سابقة تاريخية تُعد الأولى منذ عام 1977، حين ألقت والدته، الملكة إليزابيث الثانية، آخر خطاب عرش من قبل ملك في البرلمان الكندي.
وأتى الخطاب في ظل توترات متزايدة مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب، على خلفية الرسوم الجمركية وتهديدات بضم أراضٍ.
وتمت تلاوة الخطاب من داخل مجلس الشيوخ أمام نواب البرلمان وكبار الشخصيات، واستغرق نحو ثلاثين دقيقة، سلّط خلالها الضوء على الأهداف التشريعية لحكومة رئيس الوزراء مارك كارني في الدورة البرلمانية الجديدة.
نص خطاب العرش الكامل للملك تشارلز الثالث:
أصحاب السعادة أعضاء مجلس الشيوخ، والسيدات والسادة أعضاء مجلس العموم،
يشرفني ويملؤني الفخر أن أكون اليوم بينكم، برفقة زوجتي، لنشهد معًا وحدة الكنديين وتجدد شعورهم بالفخر الوطني والأمل.
أود أن أقرّ بأننا مجتمعون اليوم على أرض غير مُتنازل عنها تعود لشعب الألغونكوين أنيشينابغ. إن هذا الاعتراف هو تأكيد على تاريخنا المشترك كأمة، ومع استمرار سعيي لفهم أعمق، آمل أن يجد كل مجتمع من مجتمعاتكم، ومعًا كبلد موحّد، مسارًا نحو الحقيقة والمصالحة بالأقوال والأفعال.
تُعد هذه زيارتي العشرين إلى كندا على مدى أكثر من نصف قرن، لكنها الأولى بصفتي ملكًا. وكما قلت سابقًا: “في كل مرة أزور فيها كندا، يتغلغل جزء منها في دمي – ومنه إلى قلبي مباشرة.” لطالما أعجبت بهوية كندا الفريدة التي يعرفها العالم من خلال شجاعتها وتضحياتها في سبيل القيم الوطنية، ومن خلال تنوعها وطيبة شعبها.
أتوجه بالشكر لشعوب الأمم الأولى، والإنويت، والميتيس، الذين رحبوا بي وبعائلتي على أراضيهم التقليدية بحرارة وكرم.
نحتفل هذا العام بالذكرى الثمانين ليوم النصر في أوروبا ويوم النصر على اليابان. في شواطئ جونو، ودييب، والسوم، وبيومونت-هامل، ويبرس، وفيمي ريدج، وفي مواقع أخرى لا تُنسى، قاتل الكنديون إلى جانب حلفائهم وسقطوا دفاعًا عن الحرية.
اليوم، أرى أمامي ممثلين من جميع أنحاء كندا – من سانت جونز في نيوفاوندلاند ولابرادور إلى فيكتوريا في بريتيش كولومبيا، وصولًا إلى أرفيات في نونافوت.
أنتم حماة الحقوق والحريات الأساسية التي يكفلها الميثاق الكندي، وأشكر لكم خدمتكم لوطنكم.
تمثلون مجتمعات غنية بالثقافات واللغات ووجهات النظر. علينا أن نتصرف بتفكير جماعي لصالح الجميع، خصوصًا في ظل تحديات عالمية غير مسبوقة تتعلق بالسلام والاقتصاد والمناخ.
إن روح التعاون والنقاش البنّاء التي تتمتعون بها قادرة على تمكين الحكومة من اتخاذ إجراءات جريئة وعادلة لصالح الكنديين.
لقد شهدت كندا، منذ آخر مرة افتتح فيها الملك البرلمان قبل نحو سبعين عامًا، تغيرات جذرية، فقد استكملت سيادتها، واستعادت دستورها، وحققت نموًا هائلًا.
واليوم، تحتضن جذورها البريطانية والفرنسية والأصلية، وتتجسد في دولة ثنائية اللغة، متعددة الثقافات، ومتصالحة مع ماضيها.
لطالما مثّل التاج رمزًا لوحدة كندا، كما أنه يرمز إلى الاستقرار واستمرار المسيرة.
وحين افتتحت والدتي الراحلة، الملكة إليزابيث الثانية، البرلمان الكندي عام 1957، كان العالم لا يزال يعاني من آثار الحرب العالمية الثانية، فيما كانت الحرب الباردة تتصاعد، والديمقراطية تواجه تهديدًا.
منذ ذلك الحين، شهد التاريخ أحداثًا فاصلة، من حرب فيتنام، إلى سقوط جدار برلين، إلى بدء الحرب على الإرهاب. واليوم، تقف كندا أمام مفترق طرق جديد، عازمة على حماية قيمها المتمثلة في الديمقراطية والتعددية وحكم القانون والحرية.
والنظام التجاري العالمي الذي خدم كندا لعقود بصيغته القديمة يواجه تحديات، وتحالفات كندا تتبدل. وعلينا أن نكون واضحين: العالم اليوم أكثر خطرًا وغموضًا من أي وقت مضى منذ الحرب العالمية الثانية.
ولكن في قلب هذه التحديات يكمن الأمل. فهذه اللحظة تتيح لكندا فرصة لإعادة البناء على أسس جديدة، لخوض أكبر تحول اقتصادي منذ الحرب العالمية الثانيةن كندا القوية، الواثقة، المتنوعة، القادرة على بناء اقتصاد جديد وتحالفات جديدة، ستقود التغيير.
ولهذا، يعمل رئيس الوزراء الكندي، بالتعاون مع الرئيس الأميركي، على صياغة علاقة اقتصادية وأمنية جديدة مبنية على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة.
كما تعمل الحكومة على تعزيز علاقاتها مع شركاء تجاريين موثوقين حول العالم، انطلاقًا من أن كندا تمتلك ما يحتاجه العالم وتحمل القيم التي يحترمها العالم.
وستُظهر كندا استعدادها للقيادة عندما تستضيف قمة مجموعة السبع في يونيو المقبل.
في حين خاطبت والدتي أعضاء هذا البرلمان قبل سبعة عقود، قالت إن لا أمة يمكن أن تنعزل عن العالم.
واليوم، نفتخر بأن كندا، خلال العقود التالية، ظلت قدوة في سلوكها وقيمها، وقوة للخير في العالم.
كما يُذكرنا النشيد الوطني، فإن الشمال الحقيقي يبقى قويًا وحرًا.
على أعضاء مجلس العموم الآن تخصيص الأموال لتنفيذ برامج الحكومة. أتمنى أن تفيوا بالثقة العظيمة التي منحها لكم الكنديون، وليبارككم الله ويوجهكم في مهامكم كافة.
محرر أخبار في شبكة هلا كندا، يتمتّع بخبرة طويلة في مجال الصحافة والإعلام الإلكتروني