وكالات – أقرت شبكة “سي إن إن“ الأميركية، يوم الإثنين، بتعرضها للتضليل من قِبل رجل أُفرج عنه مؤخرًا من سجن سوري، بينما كانت كاميرات الشبكة توثق اللحظة، وذلك في تقرير أثار جدلًا واسعًا عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
تفاصيل الواقعة
في تقرير بُث الأربعاء الماضي، ظهرت كبيرة مراسلي الشبكة للشؤون الدولية كلاريسا وارد برفقة حارس أمني من قوات المعارضة داخل أحد السجون السورية، حيث عُثر على رجل محتجز تحت بطانية في زنزانة بدت وكأنها مهجورة.
وخلال المشهد، قُدم للرجل الماء وأُبلغ بأنه أصبح حرًا، ليخرج ممسكًا بذراع المراسلة. وعرّف الرجل نفسه على أنه “عادل غربال“، مدعيًا أنه مدني اعتقل قبل ثلاثة أشهر من قِبل أجهزة المخابرات وتعرض للاستجواب. كما بدا متأثرًا عند إبلاغه بسقوط حكومة الأسد.
Fun fact: The prisoner CNN freed was Assad regime’s chief torturer. pic.twitter.com/zCdv6W5c3B
— Dr. Eli David (@DrEliDavid) December 16, 2024
شكوك حول مصداقية التقرير
لاقى التقرير انتشارًا كبيرًا، واعتبره البعض لحظة رمزية تُجسد “حرية السوريين الجديدة“ بعد عقود من حكم النظام السوري. ومع ذلك، بدأت الشكوك تثار حول مصداقية القصة بسبب هدوء رد فعل الرجل ومظهره العام عند خروجه إلى العلن لأول مرة.
وفي تطور لاحق، كشفت “سي إن إن“ أن الرجل هو سلامة محمد سلامة، ضابط برتبة ملازم في إدارة المخابرات الجوية التابعة للنظام السوري. وأوضحت الشبكة أنها استخدمت برنامجًا للتعرف على الوجه للتأكد من هويته بعد حصولها على صورة له.
ملابسات الغموض
أكدت الشبكة أن سلامة كان مسجونًا بالفعل، لكنها أضافت: “لا نعلم كيف ولماذا انتهى به المطاف في هذا السجن بدمشق، ولم نتمكن من إعادة التواصل معه.”
وفي أعقاب التحقيقات، قالت منظمة سورية لتقصي الحقائق تُدعى “تأكد“ إن الرجل هو سلامة محمد سلامة، مما زاد من تعقيد المشهد.
دور الحارس والمعايير الصحفية
بررت “سي إن إن“ أن قرار الإفراج عن الرجل كان بيد الحارس المرافق وليس فريق الشبكة، مؤكدة أن الزيارة لم تكن مخططًا لها مسبقًا. كما ظهرت فرق الهلال الأحمر السوري في التقرير وهي تقدم المساعدة للرجل خارج السجن، مشيرة عبر منصة “إكس” إلى أنه “عُثر عليه بدون هوية وتمت إعادته إلى أحد أقاربه في دمشق.”
الجدل حول الصحفية كلاريسا وارد
أثار التقرير موجة من التساؤلات والانتقادات حول أداء المراسلة كلاريسا وارد، حيث تساءل البعض عن مصداقية التقرير وأسباب خلو السجن من أي معتقلين آخرين، وظهور “غربال” كسجين وحيد.
كما طرحت منصة “تأكد“ تساؤلًا حادًا: “هل كانت ’سي إن إن‘ ضحية لمعلومات مضللة، أم أنها تورطت بشكل غير مباشر في تبييض صورة ضابط أمني للنظام السوري؟“
في المقابل، دافع بعض الصحفيين عن كلاريسا وارد، معتبرين الهجمات ضدها غير مبررة. وقال كبير مراسلي فوكس نيوز، تري ينغست: “كلاريسا صحفية محترفة ونزيهة، والهجمات ضدها سخيفة ولا أساس لها من الصحة.”
البحث عن الصحفي أوستن تايس
تزامنت زيارة كلاريسا وارد لدمشق مع جهودها للبحث عن أي أثر للصحفي الأميركي المفقود أوستن تايس، مما أثار مزيدًا من التساؤلات حول سياق التقرير ودوافعه، في وقتٍ تتجه الأنظار إلى الانتهاكات التي يوثقها السوريون ضد النظام منذ سنوات.
هذا الجدل المتصاعد يُسلط الضوء على أهمية التدقيق الصحفي في تغطيات النزاعات، خاصة في ظل حساسية الوضع السوري وصعوبة الوصول إلى الحقائق الكاملة.