خبار هلا كندا – بعد المشاهد الصادمة لخروج المعتقلين السوريين من السجون عقب سقوط نظام بشار الأسد، تتحول الأنظار نحو الانتهاكات الحقوقية الأخرى التي ارتكبها النظام. وبينما بدأت فرق البحث والتنقيب بكشف حقائق مخيفة عن المقابر الجماعية، تظهر أدلة متزايدة على أن هذه المواقع تضم رفات المعتقلين الذين قضوا بعيدًا عن أعين الإعلام والمنظمات الحقوقية.
وفقًا للشبكة السورية لحقوق الإنسان، اعتُقِل أكثر من 136,614 شخصًا منذ اندلاع الثورة السورية عام 2011 وحتى سقوط النظام. ورغم تحرير آلاف قليلة فقط، تشير الأدلة إلى أن الغالبية العظمى من المعتقلين قد قُتلوا، حيث تدل العظام وبقايا الجثث المكتشفة في المقابر الجماعية على حملات قتل منظمة طالت هؤلاء المعتقلين.
تحدثت وسائل الإعلام سابقًا عن شهادات لحفار قبور فرَّ إلى أوروبا، وأكد أن النظام السوري كان يعتمد على حفر مقابر جماعية لدفن المعتقلين الذين قضوا تحت التعذيب أو في عمليات إعدام جماعي. هذه الشهادات تتوافق مع ما عُثِر عليه مؤخرًا في مناطق مختلفة من سوريا.
اكتشافات حديثة
– مقبرة جماعية قرب مطار دمشق الدولي: أعلن الدفاع المدني السوري، يوم الثلاثاء الماضي، عن اكتشاف 21 جثة مجهولة الهوية في مقبرة جماعية بأرض زراعية غير مستغلة شرق العاصمة دمشق.
– محافظة درعا: في مقر سابق لفرع الأمن العسكري، تم العثور على 31 جثة، بعضها يعود لنساء وأطفال.
– ريف دمشق (منطقة الحسينية): رُصِدَت أكثر من 100 حفرة عميقة يصل عمق الواحدة منها إلى 20 مترًا، تضم رفات ضحايا النظام.
ونشرت مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو تُظهر الأهالي وهم ينبشون المقابر الجماعية بأدوات بدائية، في ظل غياب تام لأي دعم متخصص في الطب الشرعي. اللافت أن الأطفال شوهدوا وهم يلعبون بين بقايا العظام، مما يعكس حجم الفوضى وعدم التنظيم في التعامل مع هذه المواقع الحساسة.
من جهته، قال المركز السوري للعدالة والمساءلة، إنه لا توجد جهة سورية قادرة حاليًا على التعامل مع هذه المقابر بشكل مهني. ودعا إلى حماية المواقع ومنع الاقتراب منها لحين وصول فرق تحقيق دولية.
اما هيئة التحقيق التابعة للأمم المتحدة، صرحت أنها تتواصل مع السلطات السورية الجديدة لتقديم الدعم في جمع الأدلة التي يمكن استخدامها ضد كبار المسؤولين في النظام السابق وأن الأولوية تتمثل في تحديد حجم المشكلة وتهيئة الظروف المناسبة للتحقيق.
وتسعى المنظمات الحقوقية والفرق الدولية إلى كشف الحقيقة ومحاسبة المسؤولين عن الجرائم ضد الإنسانية التي ارتُكِبَت في سوريا. ومع ذلك، يواجه هذا المسار تحديات كبيرة تتمثل في غياب الموارد المحلية، والمخاطر الأمنية، والخلافات السياسية التي قد تعيق تحقيق العدالة.
إحصائيات إضافية تكشف حجم المأساة
– تشير التقديرات إلى وجود مئات المقابر الجماعية التي لم تُكتَشف بعد في مناطق متفرقة من سوريا.
– توثق الشبكة السورية لحقوق الإنسان أن نحو 98% من المعتقلين تعرضوا للتعذيب أثناء احتجازهم.
– ما يزال مصير الآلاف من المعتقلين مجهولًا، مع ترجيحات قوية بأن الكثيرين منهم قد دُفِنوا في مقابر جماعية مماثلة.
ودعا ناشطون ومنظمات حقوقية المجتمع الدولي إلى الضغط من أجل إرسال بعثات تحقيق دولية مختصة، مع توفير الموارد اللازمة لتوثيق الجرائم وإحالة مرتكبيها إلى المحاكم الدولية. حيث تُعَد هذه الاكتشافات شهادة مريرة على الانتهاكات التي عانى منها الشعب السوري، وتجدد المطالبة بمحاسبة المسؤولين وضمان عدم تكرار مثل هذه الجرائم في المستقبل.