هيثم حمد
رئيس تحرير شبكة هلا كندا الإعلامية
تورنتو – كندا – أثار إعلان جاستن ترودو عن استقالته من منصب رئيس الوزراء وزعيم الحزب الليبرالي تساؤلات عديدة حول أسباب قراره ومستقبل السياسة الكندية. بعد نحو عشر سنوات في السلطة، يبدو أن الكنديين قد أظهروا إشارات واضحة على رفضهم لقيادته، حيث تراجعت شعبيته في استطلاعات الرأي، وتزايدت الانتقادات داخل حزبه. ومع استقالة نائبته كريستيا فريلاند، بات واضحًا أن الدعم الداخلي للحزب بدأ ينهار، مما دفعه للإعلان عن رحيله.
في عام 2015، وصل جاستن إلى السلطة بعد حملة انتخابية وعدت بتغيير كندا، خاصة من خلال تحسين النظام الانتخابي، تحقيق المصالحة مع السكان الأصليين، ومعالجة قضايا المناخ. لكنه لم يفِ بالعديد من وعوده، مثل إصلاح نظام التصويت، في حين تعرضت سياساته المناخية لهجوم شديد من المعارضة. كذلك، خلقت سياسات حكومته أثناء جائحة كوفيد-19 انقسامات عميقة في المجتمع الكندي، وأدت إلى احتجاجات كبرى مثل مظاهرات “قافلة الحرية” التي أظهرت استياءً واسعًا تجاه سياساته.
أما والده، بيير ترودو، فقد واجه رفضًا مماثلًا عند استقالته عام 1984. ورغم فترات حكمه الطويلة التي امتدت من عام 1968 إلى 1984 مع انقطاع قصير، فإن ولايته انتهت بتراجع كبير في الدعم الشعبي للحزب الليبرالي. بيير ترودو كان شخصية مثيرة للجدل، حيث عانت كندا خلال فترة حكمه من أزمات اقتصادية كبيرة، بما في ذلك ارتفاع معدلات البطالة والتضخم. رغم محاولاته للتمسك بالوحدة الوطنية خلال أزمة أكتوبر 1970، إلا أن سياساته لم تحظ بإجماع شعبي، مما أدى إلى سقوط الحزب الليبرالي في الانتخابات اللاحقة.
الفرق الأساسي بين الاستقالتين هو السياق؛ بينما استقال بيير ترودو بعد فقدان الحزب الليبرالي شعبيته بشكل كبير في السبعينيات والثمانينيات، جاءت استقالة جاستن نتيجة ضغوط داخلية وخارجية متزايدة أدت إلى تراجع شعبيته بشكل حاد. لكن في الحالتين، يبدو أن الكنديين أوصلوا رسالة واضحة برفضهم لاستمرار حكم آل ترودو.
مع استقالة جاستن ترودو، يواجه الحزب الليبرالي مستقبلاً غامضًا، حيث يجب عليه اختيار قائد جديد قادر على استعادة ثقة الكنديين. بالنسبة للكثيرين، تعتبر استقالة جاستن دليلًا على فقدان التواصل بين الحزب والمواطنين، ما يترك تساؤلات مفتوحة حول إمكانية عودة الحزب إلى قوته السابقة أو استمرار تراجعه.