اخبار هلا كندا – في خطوة تعكس التأثير العميق للعلاقات التجارية بين كندا والولايات المتحدة، تراجعت حكومة مقاطعة أونتاريو، القلب الاقتصادي لكندا، عن قرارها بحظر الشركات الأميركية من التعاقد مع المؤسسات الحكومية المحلية، وذلك بعد ساعات فقط من إعلان واشنطن تعليق فرض رسوم جمركية على المنتجات الكندية.
تجنب أزمة اقتصادية وفتح باب المفاوضات
أعلن حاكم أونتاريو، دوغ فورد، أن المقاطعة قررت تعليق إجراءاتها الانتقامية عقب قرار الإدارة الأميركية تأجيل فرض الرسوم الجمركية لمدة 30 يومًا، وهو ما اعتبره فرصة لإجراء مفاوضات جديدة وتخفيف التوترات الاقتصادية. وقال فورد في تصريح رسمي: “لقد تجنبنا مؤقتًا رسومًا جمركية كانت ستلحق ضررًا بالغًا باقتصادنا. هذه الخطوة تمنحنا مزيدًا من الوقت للمفاوضات ولتهدئة الأوضاع المتوترة.”
وكانت أونتاريو قد أعلنت في وقت سابق من اليوم ذاته عن قرار يمنع الشركات الأميركية من الحصول على عقود حكومية في المقاطعة، وهو ما وصفه فورد بأنه سيحرم تلك الشركات من “عشرات المليارات من الدولارات من الإيرادات المحتملة”.
رد فعل كندي قوي على التصعيد الأميركي
جاءت هذه التطورات بعد أن أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب فرض رسوم جمركية بنسبة 25% على جميع المنتجات الكندية، باستثناء المنتجات النفطية التي ستخضع لرسوم بنسبة 10%. هذا القرار أشعل فتيل أزمة تجارية بين البلدين، حيث سارع رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو إلى التنديد بهذه الخطوة، محذرًا من تداعيات اقتصادية خطيرة، لا سيما أن 75% من الصادرات الكندية تتجه إلى الولايات المتحدة.
ردًا على الإجراءات الأميركية، أعلنت أوتاوا فرض رسوم جمركية مماثلة بنسبة 25% على ما قيمته 155 مليار دولار كندي (نحو 102 مليار يورو) من السلع الأميركية، وهو ما زاد من حدة التوتر بين البلدين الجارين.
إلغاء عقد بملايين الدولارات وتصعيد غير مسبوق
ضمن الإجراءات الانتقامية، ألغت حكومة أونتاريو عقدًا محليًا بقيمة 100 مليون دولار كندي (66 مليون يورو) كان مبرمًا مع شركة ستارلينك المملوكة للملياردير الأميركي إيلون ماسك، أحد أبرز حلفاء الرئيس ترامب. وأوضح فورد أن القرار يأتي ردًا على ما وصفه بـ “الإجراءات غير العادلة” من الإدارة الأميركية تجاه المنتجات الكندية.
هدنة مؤقتة ولكن التهديدات لا تزال قائمة
في ظل التصعيد الحاد، أجرى رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو مكالمة هاتفية مع الرئيس ترامب، حيث توصلا إلى اتفاق يقضي بتعليق الرسوم الجمركية الأميركية لمدة 30 يومًا مقابل التزام كندا باتخاذ إجراءات أكثر صرامة لمكافحة تهريب المخدرات عبر الحدود وحماية أمن الولايات المتحدة.
وكتب ترامب على منصته “تروث سوشل”: “أنا سعيد جدًا بهذه النتيجة الأولية. سيتم تعليق الرسوم الجمركية التي أُعلن عنها يوم السبت لمدة 30 يومًا لمعرفة ما إذا كان بإمكاننا التوصل إلى اتفاق اقتصادي نهائي مع كندا، التي تعهدت باتخاذ خطوات لحماية حدودنا وإنهاء أزمة تهريب المخدرات، خاصة الفنتانيل القاتل.”
ورغم هذه الهدنة المؤقتة، أكد دوغ فورد أن مستقبل العلاقات التجارية بين كندا والولايات المتحدة لا يزال غير واضح، مضيفًا: “نحن نشعر بالفعل بآثار هذه الأزمة. طالما أن علاقتنا مع أكبر شريك تجاري لنا غير مستقرة، ستظل العديد من المشاريع مهددة بالتجميد أو الإلغاء.”
مخاوف من تصعيد جديد وتأثيرات طويلة الأمد
مع استمرار حالة عدم اليقين، يخشى خبراء الاقتصاد من أن تؤدي هذه السياسات الحمائية إلى مزيد من الاضطرابات في سوق العمل وسلاسل التوريد، لا ما في قطاعات السيارات والصلب والألمنيوم، التي تعتمد بشكل أساسي على التبادل التجاري بين البلدين.
ومع اقتراب انتهاء مهلة الـ 30 يومًا، يترقب المستثمرون والشركات الكبرى نتائج المفاوضات بين كندا والولايات المتحدة، وسط مخاوف من أن تعود التوترات التجارية إلى الواجهة إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق شامل ومستدام.
