هلا كندا – في وقتٍ تواصل فيه الهند نفيها القاطع لأي علاقة لدبلوماسييها بعمليات اغتيال أو ابتزاز داخل كندا، أكد مفوض الشرطة الملكية الكندية (RCMP) مايك دويهم (Mike Duheme) على أهمية “بناء علاقات قوية مع الهند”، رغم التوترات السياسية والأمنية بين البلدين خلال العامين الماضيين.
وخلال مؤتمر صحفي في أوتاوا يوم الخميس، رفض دويهم الرد بشكل مباشر على سؤال الصحفيين حول ما إذا كانت الشرطة الكندية تتلقى أدلة إضافية من الجانب الهندي في تلك القضايا، قائلاً:
“القضية الآن أمام القضاء، ولن أتحدث عنها بالتفصيل. إنها تسير في مسارها القانوني… الأهم بالنسبة لنا هو بناء العلاقات مع الهند.”
وأوضح دويهم أنه زار الهند في سبتمبر الماضي برفقة مستشارة الأمن القومي والاستخبارات الكندية ناتالي دروين (Nathalie Drouin)، حيث عقد اجتماعاً مع نظيره الهندي لمناقشة “الهواجس الأمنية المشتركة”. وأضاف:
“نحن نريد جميعاً نفس الأهداف. هم يواجهون تهديدات إرهابية في بلادهم، ونحن كذلك، ومن المهم أن نعمل معاً لتحديد الأشخاص الرئيسيين المتورطين في هذه الأنشطة.”
وتأتي تصريحات دويهم بعد أيام من مقابلة مع السفير الهندي الجديد في كندا، دينيش باتنايك (Dinesh Kumar Patnaik)، وصف فيها اتهامات كندا للهند بأنها “سخيفة وغير منطقية” و“خالٍية من أي أدلة حقيقية”.
توتر العلاقات الكندية – الهندية
تعود جذور الأزمة إلى عام 2023 عندما أعلن رئيس الوزراء الكندي الأسبق جاستن ترودو عن وجود “ادعاءات موثوقة” تشير إلى تورط عناصر من الحكومة الهندية في اغتيال الزعيم السيخي الكندي هارديب سينغ نيجار في مقاطعة بريتش كولومبيا.
وفي العام التالي، وجهت الحكومة الكندية والشرطة الملكية اتهامات إلى دبلوماسيين ومسؤولين قنصليين هنود بممارسة أنشطة سرية في كندا مرتبطة بجرائم خطيرة، من بينها الابتزاز والقتل. وردت الهند بإنكار كامل، بينما طردت أوتاوا ستة دبلوماسيين هنود، وردت نيودلهي بالمثل بطرد ستة دبلوماسيين كنديين.
رغم ذلك، شهدت العلاقات بين البلدين تحسناً نسبياً في الأشهر الأخيرة، حيث التقى رئيس الوزراء الكندي مارك كارني بنظيره الهندي ناريندرا مودي على هامش قمة مجموعة السبع في كندا، كما عقدت وزيرة الخارجية أنيتا أناند اجتماعاً جديداً مع مودي خلال زيارتها الأخيرة إلى نيودلهي، وتم الاتفاق على تعزيز التعاون التجاري بين البلدين.
ويقول جيف نانكيفيل، الرئيس التنفيذي لمؤسسة آسيا والمحيط الهادئ في كندا، إن “البلدين بحاجة إلى تجاوز الخلافات السياسية والعمل معاً من أجل المستقبل”، مشيراً إلى أن الروابط الاقتصادية والاستراتيجية بين أوتاوا ونيودلهي لا يمكن تجاهلها على المدى الطويل.
توضح التطورات الأخيرة أن أوتاوا تحاول الموازنة بين المسار القضائي والتعاون الدبلوماسي مع نيودلهي. فبينما تستمر التحقيقات في مزاعم خطيرة تمس الأمن الكندي، يبدو أن الحكومة الجديدة برئاسة مارك كارني تسعى لإعادة العلاقات إلى مسارها الطبيعي، خصوصاً مع تصاعد الاهتمام الأميركي والأوروبي بتقوية الشراكات مع الهند لمواجهة النفوذ الصيني في آسيا.
غير أن التحدي الأكبر أمام كندا يتمثل في الحفاظ على مصداقية أجهزتها الأمنية والقضائية في معالجة القضايا الحساسة دون الإضرار بمصالحها الاستراتيجية.
ويبدو أن المرحلة المقبلة ستتطلب توازناً دقيقاً بين الشفافية القضائية والحذر الدبلوماسي لضمان عدم انهيار العلاقات الثنائية بين البلدين.
هيثم حمد، مؤسس ورئيس تحرير شبكة هلا كندا الإعلامية، خبير في الإعلام الرقمي والاستراتيجيات الإعلامية، يتمتّع بخبرة واسعة في قيادة المشاريع الإعلامية وبناء منصات مؤثرة في كندا والعالم العربي.


