هلا كندا – أثار زعيم الحزب المحافظ، بيير بوليفير، جدلًا واسعًا داخل الأوساط السياسية بعد توجيهه انتقادات حادة لقيادة شرطة الخيالة الملكية الكندية، واتّهامه إياها بالتستر على مخالفات رئيس الوزراء جاستن ترودو، في تصريحات وُصفت بأنها غير مسبوقة من زعيم معارضة في كندا.
وجاءت تصريحات بوليفير خلال مقابلة مع قناة Northern Perspective على منصة “يوتيوب”، حيث وصف قيادة الشرطة بأنها “مستحقَرة”، وقال إن “عددًا من فضائح ترودو كان يجب أن تؤدي إلى السجن”، مشيرًا إلى قضيتي SNC-Lavalin وعطلة الآغا خان.
وقال بوليفير إن ترودو “ربما خالف القانون الجنائي” في فضيحة SNC-Lavalin، وإن “الشرطة تغاضت عن ذلك”، كما اعتبر أن قبوله “إجازة مجانية من شخص له تعاملات حكومية” يمثل خرقًا للقانون، دون أن يقدم أي أدلة على ما وصفه بالتستر.
وأصدر مكتب بوليفير بيانًا مساء الخميس أكد فيه أن شرطة الخيالة الملكية “تغاضت عن حجب ترودو شهودًا وأدلة مهمة” في قضية SNC-Lavalin، وأضاف أن الشرطة “رفضت مقاضاته جنائيًا رغم إدانته عام 2017 بأربع مخالفات لقانون تضارب المصالح” في ما يعرف بـ”فضيحة عطلة الآغا خان”.
وفي المقابل، هاجم ديمتري سوداس، أحد كبار مساعدي رئيس الوزراء الأسبق ستيفن هاربر، بوليفير في مقال رأي نشرته صحيفة تورنتو ستار، واعتبر تصريحاته “متهورة” وتعكس “قيادة قائمة على الغضب لا على الحكم الرشيد”.
وقال سوداس إن “أي زعيم معارضة في دولة تحترم القانون لا يجب أن يطالب بسجن خصومه السياسيين”، مؤكدًا أن هذه التصريحات “تقوّض ثقة الكنديين في نظام العدالة والشرطة الفدرالية”.
ونفت آنا تومالا، كبيرة موظفي مكتب هاربر، أن يكون مقال سوداس يعبر عن موقف هاربر، وكتبت على وسائل التواصل أن “سوداس لا يتحدث باسم رئيس الوزراء الأسبق”. وامتنع مكتب بوليفير عن الرد المباشر على المقال، مكتفيًا بالإشارة إلى تصريح تومالا.
ووصف كوري تنيك، المدير السابق للاتصالات في مكتب هاربر ومدير حملة رئيس وزراء أونتاريو داغ فورد، تصريحات بوليفير بأنها “خطأ سياسي كبير” و”تصريحات شبيهة بخطاب الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب”، مؤكدًا أنها “لا تتماشى مع المزاج العام للناخبين الكنديين”.
وقال إن بوليفير “يحاول استرضاء قاعدته الحزبية قبل مراجعة قيادته المقررة في يناير المقبل”، لكنه “يخاطر بخسارة دعم الناخبين الوسطيين”.
وكتب سوداس أن بوليفير “لم يتعلم من الهزيمة الانتخابية الأخيرة”، وأنه “لم يُظهر أي تطور في نهجه السياسي”، معتبرًا أن الناخبين “لم يرفضوا الأفكار المحافظة بقدر ما رفضوا أسلوب بوليفير نفسه”.
وتحدث بوليفير في المقابلة أيضًا عن مقتل الناشط الأميركي المحافظ تشارلي كيرك، حيث اتهم ما وصفه بـ”اليسار السلطوي” بالوقوف وراء تصاعد العنف السياسي ضد خصومه، وقال إن أسرته تلقت “تهديدات بالقتل”، وإنه اضطر لاتخاذ إجراءات أمنية لحمايتها.
وقال ياروسلاف باران، مدير الاتصالات السابق في حملة هاربر، إن من الطبيعي أن يعلق زعيم المحافظين على مقتل شخصية سياسية مؤثرة، مشيرًا إلى أن “القلق داخل أوساط المحافظين لا يتعلق بعناصر الشرطة، بل بقيادتها التي يُخشى من قربها من الحكومة”.
ورأت أستاذة العلوم السياسية في جامعة دالهوزي لوري تيرنبول أن تصريحات بوليفير موجهة أساسًا إلى قاعدته الحزبية لضمان دعمها خلال مراجعة قيادته في مؤتمر الحزب المقرر عقده في يناير المقبل في كالغاري، موضحة أن “الحاضرين لتلك المراجعة سيكونون من أكثر مؤيدي الحزب تشددًا”.
وأكدت تيرنبول أن بوليفير “يسعى لاستثمار مشاعر عدم الثقة تجاه ترودو والمؤسسات الحكومية”، لكنها حذّرت من أن “استمراره في استخدام الخطاب التصادمي ذاته سيحدّ من قدرته على توسيع قاعدة مؤيديه”.
واعتبرت أن “بوليفير يستخدم الأسلوب نفسه الذي كلفه خسارة الانتخابات الماضية، رغم تغير طبيعة المشهد السياسي في كندا”، فيما توقع مراقبون أن يحتفظ بزعامة الحزب بسهولة، لعدم وجود منافس منظم يسعى لخلافته.
محرر أخبار في شبكة هلا كندا، يتمتّع بخبرة طويلة في مجال الصحافة والإعلام الإلكتروني