هلا كندا -وكالات – رصدت مراصدٌ أرضية عام 2019 إشارةٍ ثقالية قصيرة للغاية استمرت أقل من عشر ثوانٍ، وأثارت حيرة العلماء لأنها اختلفت تمامًا عن الإشارات الطويلة الاعتيادية الناتجة عن اندماج الثقوب السوداء.
الإشارة المسماة GW190521 دفعت فريقًا بحثيًا بقيادة الدكتورة تشي لاي من الأكاديمية الصينية للعلوم إلى اقتراح تفسيرٍ مثير، إذ يضع الفريق احتمالًا أن تكون الإشارة صدىً لانهيار ثقب دودي نقل طاقةً من تصادم حدث في كونٍ موازٍ إلى كوننا.
وتقوم الفرضية، كما وردت في ورقةٍ علمية قيد المراجعة، على أن اصطدامًا عنيفًا لثقبين أسودين في ذلك الكون المواز قد يفتح نفقًا عابرًا للأكوان — أي ثقبًا دودياً — يمر عبره موجان ثقالية للحظات قصيرة إلى عالمنا.
وقِصر مدة الإشارة واختفاؤها السريع يفسَّر هنا بأن الثقب الدودي ظل مفتوحًا لجزءٍ يسير من الثانية فقط، فمرّ الصدى ثم انغلق.
الغموض في إشارة GW190521 لم يتوقف عند قِصرها، بل شمل أيضًا غياب عنصر “الشرب” (The Chirp) الصاعد التقليدي الذي يسبق اندماج الثقوب السوداء، إذ عادةً يدور ثقبان أسودان حول بعضهما في رقصة حلزونية تولّد تموجًا ثقالياً تتصاعد شدته قبل الاصطدام.
وكان من المتوقع رؤية هذا الشرب في حدثٍ بهذا الحجم، لا سيما أن الاصطدام قد أنشأ ثقبًا أسودًا هائلاً تقدر كتلته بنحو 141 ضعف كتلة الشمس.
لتفسير غياب الشرب اقترح كثيرٌ من العلماء تفسيرًا تقليديًا مفاده أن الاصطدام كان مباشرًا وعشوائيًا، بحيث اصطدم الثقبان فجأة دون دورةٍ مدارية سابقة فألغيا مرحلة التصاعد.
في المقابل، قدّمت دراسة الدكتورة لاي تفسيرًا أكثر جرأة لكنه قابل للفحص العلمي، وهو أن الإشارة قد تكون صدىً عبَر ثقبًا دودياً من حدثٍ وقع في كونٍ آخر.
ولمختبرية هذا الاحتمال، قارن الفريق النماذج الرياضية لكلا السيناريوهين — التصادم المباشر داخل كوننا، وصدى ثقب دودٍي آتٍ من خارجنا — فتبين أن النموذج القياسي للتصادم يناسب البيانات بشكل أفضل، لكن الفروق لم تكن حاسمة بما يكفي لنفي فرضية الثقب الدودي نهائيًا، ما يبقي الباب مفتوحًا أمام هذا التفسير الثوري.
وإذا ما تأكدت هذه الفرضية في دراسات لاحقة، فإن الأمر لن يكتفي بكشف وجود الثقوب الدودية، بل سيفتح أيضًا نافذةً غير مسبوقة تمنح العلماء لمحةً مباشرة عن كونٍ خارج كوننا، وذلك باستخدام الموجات الثقالية كـ”رسل” تخترق حدود الواقع وتُطلعنا على أحداثٍ في آفاقٍ أخرى.
محرر أخبار في شبكة هلا كندا، يتمتّع بخبرة طويلة في مجال الصحافة والإعلام الإلكتروني