هلا كندا – تشير نتائج أحدث الدراسات إلى تراجع تدريجي في جودة التعليم بكندا، ما يثير مخاوف لدى الخبراء والمعنيين بالشأن التربوي بشأن مستقبل التحصيل العلمي للطلبة في البلاد.
وجاء ذلك بعد صدور نتائج اختبار دولي مرموق أجرته “الجمعية الدولية لتقييم التحصيل التربوي” (IEA) أظهر أن كندا احتلت المرتبة 32 من أصل 64 دولة في مادة الرياضيات، وهي مرتبة تعتبر متأخرة بالنسبة لما اعتادت عليه البلاد سابقًا.
الاختبار، الذي يُجرى كل أربع سنوات لطلبة الصفين الرابع والثامن، شاركت فيه 65 منظومة تعليمية، وأظهر تفوقًا ملحوظًا للدول الآسيوية مثل سنغافورة، كوريا الجنوبية، اليابان، والصين، التي احتلت المراتب الأولى.
ورغم أن كندا لا تزال تحتل موقعًا ضمن أفضل عشر دول في نتائج تقييم PISA لعام 2022 – وهو برنامج دولي يقيس أداء الطلاب في سن 15 في مجالات الرياضيات والقراءة والعلوم – إلا أن الاتجاه العام في الأداء الكندي سجل تراجعًا منذ أوائل الألفية، بحسب مختصين.
وحدد الخبير في السياسات الاجتماعية والتعليمية، جون ريتشاردز، ثلاث مشكلات رئيسية يعاني منها النظام التعليمي في كندا:
التراجع العام في الأداء عبر جميع المواد مقارنة بالمعايير الأولية المعتمدة دوليًا.
الفجوة بين المقاطعات: إذ أن المقاطعات الكبرى مثل كيبيك، أونتاريو، بريتيش كولومبيا، وألبرتا، سجلت أداءً أفضل وتراجعًا أبطأ مقارنة بالمقاطعات الست الصغيرة التي شهدت انخفاضًا حادًا.
التدهور الملحوظ في مادة الرياضيات، التي شهدت أكبر انخفاض في الأداء.
من جهة أخرى، تبرز قضية تنظيم السنة الدراسية كأحد الحلول الممكنة لتقليص الفجوة التعليمية، خاصة في ظل ما يُعرف بـ”فقدان التعلم خلال الصيف”، وهي الظاهرة التي تؤثر سلبًا على مهارات الطلاب نتيجة العطلة الصيفية الطويلة.
ويشير البعض إلى إمكانية تبني نظام تعليمي مستمر على مدار السنة مع فترات راحة قصيرة موزعة، كوسيلة لرفع كفاءة التعليم ومنع تراجع المهارات خلال الإجازات الطويلة، وهي فكرة بدأت بعض المقاطعات والمؤسسات التعليمية في كندا بالنظر فيها.
من جهته، يؤكد الدكتور تود كانينغهام، أستاذ علم النفس في جامعة تورنتو، أن الأطفال القادرين على الوصول إلى مصادر تعليمية في المنزل يحتفظون بمهاراتهم خلال العطل، بعكس الأطفال من خلفيات أقل حظًا، ما يخلق فجوة واضحة في بداية العام الدراسي الجديد.
وشدد كانينغهام على ضرورة تحديث مهارات المعلمين وتوفير دعم إضافي لهم لمواكبة أفضل الممارسات العالمية في مجالي القراءة والرياضيات.
أما ريتشاردز فيرى أن النظام التعليمي في كندا معقد ويتداخل فيه عدد من العوامل مثل اتحادات المعلمين وميزانيات المقاطعات، مما يجعل الحلول الجزئية غير كافية. ويضيف: “لا يوجد حل سحري واحد يعيدنا إلى المستوى الذي كنا عليه مطلع القرن الحالي. نحن بحاجة إلى مقاربة شاملة تشمل المناهج، تدريب المعلمين، وتمويل التعليم”.