هلا كندا – على عمق 600 قدم تحت صخور الغرانيت الصلبة، تقبع واحدة من أكثر المنشآت العسكرية إثارة في تاريخ كندا: “مجمع نوراد تحت الأرض في نورث باي”، والمعروف ببساطة باسم “الثقب” (The Hole).
وتمثل هذه القاعدة الضخمة، التي أنشئت في ذروة التوترات النووية خلال الحرب الباردة، رمزًا للقدرات الهندسية والعسكرية الكندية، حيث صممت لتكون خط الدفاع الأمامي لحماية أمريكا الشمالية من أي هجوم سوفياتي محتمل.
وبدأ بناء المنشأة في عام 1959 واكتمل في 1963، وكانت جزءًا من مساهمة كندا في قيادة الدفاع الجوي لأمريكا الشمالية (NORAD)، وهي مبادرة أمريكية-كندية مشتركة أنشئت عام 1958 لرصد وحماية المجال الجوي.
واختيرت مدينة نورث باي لاحتضان المجمع بسبب موقعها الإستراتيجي، ووجود قاعدة جوية، واتصالها بطرق ومرافق اتصالات رئيسية، فضلًا عن صلابة صخور الغرانيت التي توفر حماية ممتازة ضد الانفجارات النووية، وقربها من مصدر مياه عذبة من بحيرة ترُوت.
مدينة مصغرة مقاومة للنووي
شُيدت المنشأة داخل تجويفين ضخمين: الأول يُعرف بـ “المنشأة الرئيسية” وهو مبنى على شكل رقم 8 مكون من ثلاث طوابق بطول 430 قدمًا وارتفاع 54 قدمًا، والثاني يُعرف بـ “كهف الطاقة” ويحتوي على نظم الدعم والخدمات بطول يفوق 400 قدم.
تم تزويد المجمع بأبواب مقاومة للانفجارات تزن كل واحدة منها 19 طنًا، وكان بمقدوره الصمود أمام انفجار نووي بقوة 4 ميغاطن.
كما صمم ليكون مستقلاً تمامًا، حيث يمكن لـ 400 شخص العيش داخله لشهر كامل دون الاتصال بالعالم الخارجي.
واحتوى المجمع على مركز للقيادة، ونظام حاسوب متطور حينها يُعرف بـ SAGE، إضافة إلى مرافق معيشة كاملة: مطعم، صالون حلاقة، مركز طبي، وصالة رياضية.
رغم أهميته في الستينات، تراجع دور المنشأة تدريجيًا مع تطور أنظمة رصد الصواريخ الباليستية، ومع حلول 2006 تم إغلاق المجمع ونقل عمليات NORAD إلى مبنى جديد فوق الأرض في نفس القاعدة العسكرية.
منذ ذلك الحين، يُستخدم المجمع أحيانًا كموقع لتخزين المعدات أو لتصوير الأفلام، أبرزها فيلم الخيال العلمي The Colony عام 2013.
واقترحت عدة أفكار لإعادة إحياء الموقع، من بينها تحويله إلى أرشيف وطني سمعي بصري أو متحف تفاعلي يروي قصة الحرب الباردة والتعاون العسكري الكندي-الأمريكي.
محرر أخبار في شبكة هلا كندا، يتمتّع بخبرة طويلة في مجال الصحافة والإعلام الإلكتروني