هلا كندا – بعد أسابيع من التملص والردود المتضاربة، بدأت إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب تشعر بوطأة الضغوط المتزايدة لتأمين اتفاقات تجارية، في أعقاب إعلانه المفاجئ عن “تعريفات يوم التحرير” التي أدت إلى انهيار اقتصادي عالمي.
وشهدت الأسواق منذ ذلك الحين تقلبات حادة، وسط رسائل متناقضة صادرة من البيت الأبيض، وتصاعد التحذيرات من دخول الولايات المتحدة في ركود اقتصادي وشيك.
وبينما رحّب البيت الأبيض باتفاقات التجارة المعلنة مؤخرًا مع كل من المملكة المتحدة والصين، بوصفها “انتصارات” لسياسة ترامب، إلا أن الواقع يُظهر عكس ذلك، إذ تكشف هذه التحركات عن إدارة تتراجع تحت ضغط سياسي واقتصادي خانق.
وتسببت سياسات ترامب التجارية، التي وصفها البعض بـ”الحرب الاقتصادية”، في أضرار ذاتية جسيمة أقرّ بها حتى أقرب المقربين منه، حيث بدأت الإدارة بالتراجع التدريجي، مدفوعة بإدراك متأخر لفشل نهجها.
ومع شح التفاصيل المتعلقة باتفاقيات واشنطن مع لندن وبكين، إلا أن المراقبين يجمعون على أن المفاوضين الأمريكيين يأتون من موقع ضعف، ما يفتح المجال أمام الدول الأخرى – ومنها كندا – لتحقيق مكاسب في المحادثات القادمة، سواء على صعيد اتفاقية التجارة الحرة لأمريكا الشمالية (CUSMA) أو ملفات الصلب والألومنيوم والأخشاب.
وفي تطوّر غريب، حاول ترامب خلال زيارته الأخيرة للشرق الأوسط نَسب الفضل لنفسه في وقف إطلاق النار بين الهند وباكستان بعد الهجوم الدموي في منطقة بَهَلْغَام.
وذهب إلى حد الادعاء أن التهديدات التجارية التي أطلقها هي التي دفعت الطرفين للتهدئة، وهو ما اعتبره محللون “محاولة مستميتة لبث صورة زائفة عن القوة”.
وفي مشهد بارز داخل المكتب البيضاوي الأسبوع الماضي، أعلن رئيس الوزراء مارك كارني، بعد انتصار انتخابي لحزبه الليبرالي، أن اتفاقية CUSMA يجب إعادة التفاوض بشأنها.
وبينما حاول ترامب الإشادة بالاتفاق، أظهر كارني صلابة ووضوحًا في موقفه، في مؤشر على تحوّل موازين القوى بين الحليفين.
ووسط التراجع الأمريكي على جبهات متعددة – من لندن إلى بكين – يرى مراقبون أن كندا أمام فرصة استراتيجية لانتزاع تنازلات ملموسة، خاصة في ظل اعتراف العديد داخل الإدارة الأمريكية بأن الرسوم الجمركية كانت “كارثية على الاقتصاد العالمي”.
ترامب يبحث عن مخرج
صفقة التجارة الأميركية البريطانية، التي سوّقها البيت الأبيض على أنها نصر، تبيّن لاحقًا أنها مجرد وسيلة لترامب للانسحاب التدريجي من تعرفة جمركية مكلفة، بينما كانت المحادثات مع الصين بالكاد قد بدأت حتى سارعت واشنطن إلى خفض الرسوم من جانب واحد.
في هذه الأثناء، يبذل ترامب، الذي وصفه المقال بـ”الرئيس المُدان مرتين والمُدان جنائيًا”، جهودًا محمومة لإنقاذ ما تبقى من إرثه الاقتصادي.
ومع ذلك، لا تزال الحرب التجارية على كندا معلقة ولم تنتهِ فعليًا، وإن كانت قد دخلت مرحلة جمود مؤقت بانتظار ما ستسفر عنه التحركات الكندية الجديدة.
محرر أخبار في شبكة هلا كندا، يتمتّع بخبرة طويلة في مجال الصحافة والإعلام الإلكتروني