أخبار هلا كندا – وكالات – “لم يكن هناك خيار آخر، كان على الرئيس المخلوع بشار الأسد أن يتخذ قرارًا سريعًا بإطلاق مبادرة سياسية تفتح باب الحوار مع المعارضة وتستبق انطلاق عملية (ردع العدوان)”. هذا كان جوهر النصيحة العاجلة التي قدمتها روسيا للرئاسة السورية.
بعد انطلاق الهجوم الذي توفرت لموسكو معلومات دقيقة حول توقيته وحجمه وأهدافه، اتخذ القرار في موسكو بترتيب خروج آمن يضمن عدم انجرار البلاد نحو حرب طائفية مدمرة كانت نتائجها ستكون كارثية، وفقًا للمستشار رامي الشاعر.
قال الشاعر إن المعطيات التي توافرت لدى موسكو حول الإعداد لهجوم واسع النطاق دفعتها إلى التحرك العاجل قبل 48 ساعة من بدء الهجوم. تم إبلاغ السلطات السورية عبر قنوات مختصة بأن قوات الفصائل المسلحة ستتقدم نحو حلب ومنها إلى مدن سورية أخرى.
أوضح الشاعر أن الاتصالات العاجلة جرت مع الطرفين التركي والإيراني لمحاولة وقف العملية وتحريك حوار سياسي، لكن تبين لموسكو أن القرار النهائي قد اتخذ والفصائل لن تتراجع عن الهجوم.
بالنسبة لموسكو، كان القرار صعبًا بسبب تأكيد المعطيات الاستخباراتية على وجود حاضنة شعبية واسعة تؤيد التحرك، حيث من المتوقع أن يدعم نحو 80% من السوريين الهجوم في حال تحقيق تقدم واسع النطاق.
النقاشات الروسية – التركية – الإيرانية تركزت على تفادي وقوع اقتتال مدمر، في ظل حالة تذمر واسعة داخل الجيش السوري بسبب الوضع العام وتردي الأحوال المعيشية.
أكد الشاعر أن هذه الظروف دفعت مركز صنع القرار في روسيا إلى اتخاذ قرار بعدم السماح بتدهور واسع يؤدي إلى حرب أهلية طاحنة. تم إجراء اتصال مباشر مع الأسد لإبلاغه بضرورة إطلاق مبادرة فورية للحوار، إلا أن الأسد لم يتجاوب بسرعة.
في هذا الوقت، تقدمت قوات المعارضة باتجاه حلب وتجاوب الأهالي معهم، ما اضطر الجيش إلى الانسحاب تدريجياً. باتت المخاوف تتركز على انتقال الهجوم إلى المدن المجاورة والسيطرة على حمص، وأعطيت أوامر للجيش بالانسحاب وعدم الانخراط في مواجهة عسكرية.
بالتنسيق مع تركيا وإيران، تمت موافقة الأسد على منح ضمانات أمنية له ولأفراد عائلته بخروج آمن وإعلان بيان التنحي عن منصبه. أصدر وزير الدفاع أوامر للجيش بعدم المقاومة وخلع البزات العسكرية والتحول إلى ملابس مدنية.
في أثناء الحوار في الدوحة، تم التركيز على دور مجموعة آستانة في مساعدة سوريا في الوضع الجديد وتجنب مواجهة طائفية.
أنقذت موسكو سوريا من مواجهة طائفية مدمرة بفضل تلك التحركات. وكانت المرة السابقة عندما كان المسلحون على أبواب دمشق، تدخلت موسكو بشكل عاجل لمنع تدمير المدينة.
ساعد نظام التهدئة ووقف الاقتتال الذي أسهمت فيه مجموعة آستانة في منح الوقت اللازم لانضاج الحوار السوري – السوري الجدي والانتقال إلى نظام حكم جديد يلبي طموحات السوريين.
انتقد الشاعر تأخر النظام السوري في التعامل بجدية مع مسار التسوية السياسية، مشيراً إلى تفهم سبب نفاد صبر المعارضة المسلحة وإطلاقها التحرك العسكري.
منح اللجوء للأسد جاء في إطار تجاوبه مع مطلب عدم المقاومة وإصدار أوامر بعدم مواجهة الهجوم. أكدت موسكو أن القرار يهدف إلى تفادي اقتتال مدمر وتقويض البلاد.
على الرغم من استياء غالبية الشعب السوري من منح اللجوء للأسد وأفراد عائلته، إلا أن موسكو واثقة بأن السوريين سيتفهمون دوافع هذا القرار مع التحولات التي تجري في سوريا نحو وضع مستقر. منح اللجوء للأسد لا يعني بقاؤه في موسكو بشكل دائم.
تم الاتصال بالأسد وتقديم تأكيدات بالضمانات بخروج آمن له ولأفراد عائلته. نُقل الأسد على متن طائرة من دمشق إلى موسكو.
انتقد الشاعر تصريحات مندوب روسيا لدى المنظمات الدولية في فيينا، ميخائيل أوليانوف، التي قال فيها إن قرار منح اللجوء جاء لأن “روسيا لا تتخلى عن حلفائها”، مؤكدًا أن هذا التصريح لا يعبر عن الموقف الروسي.
أوضح الشاعر أن منح اللجوء للأسد لا يهدف إلى حمايته من ملاحقات، بل يأتي في إطار ترتيب تهدئة عاجلة وضرورية تحقن الدماء في سوريا.