هلا كندا – أعلنت وزيرة الخارجية الكندية أنيتا أناند أن كندا باتت تنظر إلى الصين كشريك إستراتيجي في عالم محفوف بالمخاطر، في تحول واضح عن الموقف الذي اتخذته أوتاوا قبل ثلاث سنوات حين وصفت بكين بأنها “قوة عالمية مزعزعة للاستقرار”.
وقالت أناند في مقابلة مع وكالة الصحافة الكندية يوم الاثنين إن الشراكة الإستراتيجية مع الصين تهدف إلى تجاوز الخلافات الثنائية والسماح لكندا بتعزيز مصالحها الاقتصادية والأمنية، مؤكدة أن “العلاقات بين الدول لا تخلو من التحديات، لكن المهم هو الحوار المباشر لمعالجة القضايا التي تهم الكنديين”.
وجاءت تصريحاتها عقب زيارتها مسؤولين كبارًا في الصين والهند وسنغافورة، وقبيل جولة رئيس الوزراء مارك كارني الآسيوية الأولى منذ توليه المنصب، والتي تشمل ماليزيا وسنغافورة وكوريا الجنوبية.
ويعكس هذا التحول ابتعادًا عن إستراتيجية المحيطين الهندي والهادئ لعام 2022، التي اعتبرت الصين “قوة تزداد عدوانية وتمتلك مصالح وقيمًا تختلف عن قيم كندا”.
وأكدت أناند أن السياسة الخارجية الجديدة تسعى إلى “تحقيق توازن بين تخفيف الضغوط الاقتصادية ومواصلة الدفاع عن الأمن وحقوق الإنسان”، مشيرة إلى أن “البراغماتية تتطلب الجمع بين الحذر الأمني وتوسيع سلاسل الإمداد”.
وفي خضم التوتر التجاري مع واشنطن، قالت أناند إن الرسوم الجمركية الأميركية أضرت بعدة قطاعات كندية وأثّرت في الاستثمارات الأجنبية، رغم أن أوتاوا فرضت قيودًا مماثلة على المركبات الصينية.
وخلال زيارتها إلى بكين الأسبوع الماضي، اتفقت كندا والصين على تجديد وتحديث اتفاق الشراكة الإستراتيجية الموقع عام 2005، حيث أوضحت أناند أن الهدف هو “إعادة ضبط العلاقة لتكون أكثر واقعية وبناءة”.
ولا تزال الخلافات التجارية قائمة بين البلدين، بعد أن ردت الصين على الرسوم الكندية بفرض ضرائب على الكانولا والمأكولات البحرية. وقالت أناند إن الحكومة “تسعى لضمان أن تخدم السياسة الخارجية الاقتصاد الوطني”، مضيفة أن الصين “قوة اقتصادية لا يمكن تجاهلها”.
وتبلغ قيمة التجارة الثنائية بين البلدين 118.7 مليار دولار كندي سنويًا، ما يجعل الصين ثاني أكبر شريك تجاري لكندا بعد الولايات المتحدة.
وأكدت أناند أن السياسة الخارجية الجديدة لكندا ترتكز على ثلاثة محاور رئيسية: تعزيز الدفاع، وبناء المرونة الاقتصادية، والدفاع عن القيم الأساسية مثل حقوق الإنسان.
وكان رئيس الوزراء مارك كارني قد قال الشهر الماضي إن بلاده يمكن أن “تنخرط بعمق” مع الصين في مجالات الطاقة والمواد الخام والتصنيع الأساسي، لكن ضمن “حدود واضحة” لا تمس الأمن القومي أو الخصوصية.
ويرى خبراء أن وصف الصين بـ”الشريك الإستراتيجي” يحمل تحديات دبلوماسية، خصوصًا مع قلق واشنطن من التقارب بين أوتاوا وبكين. وقالت فينا نجيبولا، نائبة رئيس مؤسسة آسيا والمحيط الهادئ الكندية، إن “التعاون الانتقائي مع الصين صعب التنفيذ، لأن بكين لا تفصل بين الملفات السياسية والاقتصادية”.
وكانت أناند قد أجرت مؤخرًا محادثات غير مسبوقة مع وزير الخارجية الصيني وانغ يي استمرت ساعتين، ناقشت خلالها قضايا تشمل الأمن السيبراني، والطاقة، والصحة، والبيئة، ودعته لزيارة كندا.
وأكدت أن سياسة كندا تجاه تايوان لم تتغير، موضحة أن أوتاوا “تلتزم بمبدأ الصين الواحدة”، لكنها “ستواصل تواصلها مع تايوان” ضمن احترام النظام الدولي القائم على القواعد.
وختمت أناند بالقول: “كندا ستبقى في طليعة الدول المدافعة عن حقوق الإنسان والنظام الدولي، وسنواصل دبلوماسية مباشرة تُقدّم مصالح الكنديين قبل كل شيء”.
محرر أخبار في شبكة هلا كندا، يتمتّع بخبرة طويلة في مجال الصحافة والإعلام الإلكتروني


