هلا كندا – يشهد الذهب طفرة سعرية غير مسبوقة خلال الأسابيع الأخيرة، مدفوعة بمزيج استثنائي من عدم اليقين الاقتصادي والتوترات الجيوسياسية العالمية، في وقت تجاوزت فيه الأسعار مستويات قياسية تاريخية، وفقاً لبيانات TradingView وGoldPrice.
ارتفاع قياسي للأسعار
تُظهر البيانات أن أسعار الذهب تتداول حالياً بالقرب من 4200 دولار للأونصة في العقود الآجلة، مع تذبذبات طفيفة يومية، فيما ارتفع المعدن النفيس بأكثر من 50% خلال عام واحد فقط.
ويشير محللون إلى أن هذا الارتفاع يأتي رغم بقاء أسعار الفائدة الأمريكية مرتفعة، وهو ما يتعارض مع الاتجاه التاريخي الذي كان يفترض أن يؤدي إلى تراجع الذهب، ما يدل على أن العوامل السياسية والجيوسياسية أصبحت المحرك الرئيسي للسوق حالياً.
كما تتوقع بعض التقارير استمرار الاتجاه الصاعد، مع احتمالية وصول الأسعار إلى 4400 دولار أو حتى 5200 دولار للأونصة إذا استمر الزخم الحالي في الأسواق.
الصراع السياسي الأمريكي وتأثيره على الأسواق
تُعتبر الانتخابات الأمريكية 2024 وما بعدها عاملاً رئيسياً في اضطراب الأسواق، إذ يرى المستثمرون أن السياسات الاقتصادية والمالية تختلف جذرياً بين المرشحين.
ويشكل هذا التباين في الرؤية بين الجمهوريين والديمقراطيين حالة من الترقب وعدم الاستقرار تدفع رؤوس الأموال نحو الملاذات الآمنة مثل الذهب.
الرسوم الجمركية وسياسات ترامب
عودة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى المشهد السياسي مع تهديداته برفع الرسوم الجمركية على الواردات تمثل عاملاً رئيسياً في تعزيز الطلب على الذهب.
فالرسوم تؤدي إلى ارتفاع أسعار السلع المحلية وزيادة معدلات التضخم، وهو ما يجعل الذهب أداة تقليدية للتحوّط ضد فقدان القوة الشرائية للعملة.
كما أن أي تصعيد تجاري بين واشنطن وبكين من شأنه أن يضعف النمو العالمي ويدفع المستثمرين إلى البحث عن أصول أكثر أماناً.
شراء البنوك المركزية وتحوّل استراتيجي في المحافظ الاستثمارية
تشير البيانات إلى أن البنوك المركزية، خاصة في الأسواق الناشئة، تواصل شراء كميات قياسية من الذهب في عامي 2024 و2025 ضمن جهودها لتنويع الاحتياطيات بعيداً عن الدولار الأمريكي.
كما شهدت صناديق الذهب والفضة المتداولة تدفقات مالية إيجابية، في إشارة إلى ثقة المؤسسات الاستثمارية بقدرة الذهب على الحفاظ على مكاسبه.
أما الفضة، التي تتحرك غالباً مع الذهب، فقد استفادت أيضاً من ارتفاع الطلب الصناعي في مجالات الطاقة الشمسية والتقنيات الخضراء، مع توقعات بارتفاعات قوية خلال عام 2025.
بين الملاذ الآمن والمخاطرة الاستثمارية
يجد الذهب نفسه حالياً في موقع قوة تاريخية بفضل تضافر عدة عوامل: توقعات خفض الفائدة الأمريكية، مشتريات البنوك المركزية، والتوترات التجارية والسياسية.
لكن محللين يحذرون من أن الزخم المفرط قد يتحول إلى فقاعة قصيرة الأمد، في حال حدوث انفراج سياسي أو استقرار في الأسواق العالمية، مما قد يؤدي إلى تصحيح حاد للأسعار.
هيثم حمد، مؤسس ورئيس تحرير شبكة هلا كندا الإعلامية، خبير في الإعلام الرقمي والاستراتيجيات الإعلامية، يتمتّع بخبرة واسعة في قيادة المشاريع الإعلامية وبناء منصات مؤثرة في كندا والعالم العربي.