هلا كندا – يتصاعد السباق بين الولايات المتحدة والصين للهيمنة على سوق المعادن النادرة، في ظل محاولات محمومة للسيطرة على الموارد الحيوية التي تشكّل عصب التكنولوجيا الحديثة والصناعات الدفاعية.
وبينما تلجأ بكين إلى استخدام مواردها كأداة استراتيجية، تتجه واشنطن، بقيادة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، إلى خطوات وصفت بالعدوانية وغير مسبوقة، وسط مخاوف جدية من تهديد مباشر لسيادة كندا.
فمنذ عودته إلى البيت الأبيض، بدأ ترامب بتنفيذ رؤى توسعية تستهدف السيطرة على مناطق استراتيجية، على رأسها غرينلاند وقناة بنما، وصولاً إلى كندا، حليفة الولايات المتحدة منذ أكثر من 150 عاماً.
ومع تسارع الهيمنة الصينية على سوق المعادن الحيوية، أصبح الرئيس الأميركي يرى في ضم هذه المناطق وسيلة لسد الفجوة المتزايدة مع خصمه الآسيوي.
ويؤكد بول ديلاني، مدير مرصد آلان كارسويل الفلكي سابقاً، أن تقليص الميزانية الأميركية لناسا بنحو 6 مليارات دولار يُعدّ أكبر ضربة مالية في تاريخ الوكالة، مما قد يفتح المجال أمام الصين لتتبوأ صدارة استكشاف الفضاء.
أما داخلياً، فتظهر “الصفقات العدوانية” وإجراءات السيطرة، مثل قانون “الفاتورة الجميلة الكبرى”، كمحاولة لإعادة رسم معالم النفوذ الأميركي حول العالم، لا سيما في المنطقة القطبية، حيث خُصص نحو 8.6 مليار دولار لتعزيز أسطول كاسحات الجليد الأميركية لمواجهة الحضور الروسي والصيني المتزايد.
وفي هذا السياق، تحوّلت كندا من حليف وشريك إلى هدف استراتيجي محتمل. فبحسب التقرير، أطلق ترامب سلسلة من الهجمات السياسية والاقتصادية ضد أوتاوا، مستهدفاً تقويض تحالف تاريخي من أجل مصالح اقتصادية تتعلق بالمعادن النادرة.
وترى إدارة ترامب أن تحكم الصين بسوق المعادن الحيوية يهدد الأمن القومي الأميركي، ما دفعها إلى تبني سياسات حمائية صارمة، كفرض رسوم جمركية بلغت 35%، في محاولة لشل اقتصادات منافسة وفرض الهيمنة الأميركية. غير أن هذه السياسات، وفق التقرير، أثارت موجة رفض واسعة، خاصة في كندا وغرينلاند، حيث قوبلت فكرة الضم الأميركي باحتجاجات شعبية ودبلوماسية حادة.
وفي أول لقاء له مع ترامب داخل المكتب البيضاوي، رفض رئيس الوزراء الكندي مارك كارني، بوضوح، أي فكرة لضم كندا إلى السيادة الأميركية، مؤكداً تمسك بلاده باستقلالها وسيادتها.
واستناداً إلى استطلاع للرأي أجرته مؤسسة “أنغوس ريد”، أعرب نحو 63% من الكنديين عن دعمهم لتبني موقف “صارم” في التعامل مع واشنطن، و66% رفضوا منح الولايات المتحدة أولوية في الوصول إلى المعادن الحيوية، حتى لو كان ذلك مقابل امتيازات اقتصادية أو أمنية.
في المقابل، استمرت بكين في تعزيز هيمنتها بهدوء ودون استفزاز، عبر مبادرة “الحزام والطريق” التي جذبت عشرات الدول، بينما تواجه واشنطن انتكاسات متكررة بسبب أسلوبها القائم على “القوة الصلبة”.
وتجلى عمق الأزمة في “الانفجار الغاضب” الذي شهده البيت الأبيض مؤخراً، عندما هاجم ترامب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بسبب مماطلته في التوقيع على صفقة عسكرية تتضمن منح الولايات المتحدة السيطرة على موارد أوكرانيا من المعادن. لكن توقيع الصفقة لاحقاً لم يغيّر كثيراً في واقع التفوق الصيني.
ورغم سعي ترامب للترويج لذلك الاتفاق باعتباره “انتصاراً كبيراً”، يدرك صناع القرار في واشنطن أن الصين ما زالت تمتلك اليد العليا في سوق المعادن النادرة، وأن مكامن الضعف في سلاسل الإمداد الأميركية لم تُعالج بعد.
إن التهديدات التي تطال سيادة الحلفاء، والنهج الصدامي في العلاقات الدولية، والضغوط الاقتصادية التي تؤثر حتى على المستهلك الأميركي، ترسم صورة مقلقة لاستراتيجية ترامب في مواجهة العملاق الصيني، وتُظهر أن معركة المعادن النادرة قد تكون مجرد واجهة لصراع أعمق على قيادة النظام العالمي الجديد.
محرر أخبار في شبكة هلا كندا، يتمتّع بخبرة طويلة في مجال الصحافة والإعلام الإلكتروني