هلا كندا – بين خطوط كهرباء منهارة، ومحطات مغمورة بالمياه، وأعمدة محترقة، تواجه كندا تحديًا خطيرًا في الحفاظ على استقرار شبكاتها الكهربائية، في وقت تتزايد فيه حدة حرائق الغابات وتطرف الظواهر الجوية.
وأكد الدكتور علي هوشيار، مدير مركز تحديث الشبكات بجامعة تورنتو، أن البنية الحالية لشبكات الكهرباء لم تُصمم للتعامل مع سيناريوهات الطقس المتطرفة، موضحًا أن الشبكة تستطيع استيعاب عطل في مكون واحد فقط، لكن الكوارث المناخية قد تتسبب بفقدان عدة مكونات في آن واحد.
وفي تقرير صدر في أبريل عن مؤسسة NERC لمراقبة موثوقية الكهرباء في أمريكا الشمالية، تم التحذير من أن معظم المقاطعات الكندية معرضة لانقطاعات كهربائية خلال الظروف المناخية القاسية، وسط نمو في الطلب وتراجع الاعتماد على محطات الوقود الأحفوري.
وقال مارك أولسون، مدير تقييمات الموثوقية في NERC: “لم نعد نملك هوامش الأمان التي كانت موجودة سابقًا للتعامل مع الارتفاعات المفاجئة في الطلب أو التراجع في أداء المصادر”.
ويُتوقع أن تكون مقاطعتا كيبيك ونوفا سكوتشيا الأكثر عرضة للانقطاعات بحلول عام 2033، إذ تشير التوقعات إلى عجز قد يصل إلى 10 غيغاواط في كيبيك خلال الشتاء القاسي، وهو ما يعادل ضعف إنتاج محطة “روبير بوراسا”، أكبر منشأة كهرومائية في أمريكا الشمالية.
وفي نوفا سكوتشيا، تم تسجيل حالات نقص في الطاقة خلال جميع سنوات الدراسة الممتدة لـ12 عامًا.
و أوضح هوشيار أن أحد أسباب هشاشة الشبكة الكندية يعود إلى تقادم بنيتها التحتية، إذ يعود بعضها لأكثر من قرن من الزمن، قائلاً: “كندا كانت من رواد بناء الشبكات الكهربائية، لكنها الآن تدفع ثمن هذا السبق بمواجهة تحديات تقادم الشبكة قبل غيرها”.
وسجلت كندا 10 أحداث مناخية شديدة بين 2013 و2023 تسببت في انقطاع الكهرباء عن 20 مليون مشترك، ووقعت 8 من هذه الأحداث في النصف الثاني فقط من هذه الفترة.
وفي نوفا سكوشا، زادت الرياح القوية بنسبة 33% خلال السنوات الخمس الماضية، وكانت السبب الرئيسي في تدمير الخطوط الكهربائية وانقطاع الكهرباء في أكثر من 1000 حادث خلال عام 2024.
كما تسببت العاصفة “ديريشو” في مايو 2022 في خسائر مؤمنة بقيمة مليار دولار، من بينها 70 مليون دولار خسائر مباشرة لشبكة “هيدرو أوتاوا” وحدها.
ارتفاع الطلب يفاقم الأزمة
وبينما تهدد التغيرات المناخية شبكة الكهرباء، فإن الطلب عليها آخذ بالتصاعد أيضًا. وقال رئيس “كهرباء كندا” فرانسيس برادلي: “إذا استمر الطقس في التصاعد بهذه الطريقة، سنحتاج إلى التكيف، ولكن ذلك يأتي في ظل ارتفاع مستمر في الطلب”.
ويعود هذا الارتفاع إلى التحول نحو الكهرباء في وسائل النقل والتدفئة، إلى جانب ازدياد عدد السكان، وظهور مراكز بيانات ضخمة لتشغيل تطبيقات الذكاء الاصطناعي.
وتتوقع هيئة تشغيل الكهرباء في أونتاريو (IESO) أن يرتفع الطلب بنسبة 75% بحلول عام 2050، فيما تشير توقعات مانيتوبا إلى تضاعف الطلب خلال العقدين المقبلين.
واختتم برادلي قائلاً: “لا أشعر بالقلق حيال الغد، ولكن خلال 5 إلى 10 سنوات، نعم. القلق حقيقي حول قدرتنا على اللحاق بالطلب المتزايد والانتقال إلى مصادر طاقة نظيفة… الأمر بات حتميًا”.
محرر أخبار في شبكة هلا كندا، يتمتّع بخبرة طويلة في مجال الصحافة والإعلام الإلكتروني