هلا كندا – تواجه العلاقات التجارية بين كندا والولايات المتحدة منعطفًا حادًا ومشحونًا، في ظل تصعيد غير مسبوق من واشنطن بقيادة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي أعلن فرض رسوم جمركية جديدة بنسب ضخمة على الواردات الكندية، ما ينذر بتفكك شراكة اقتصادية استمرت أكثر من ستة عقود.
وأعلن ترامب في اجتماع وزاري مؤخرًا عن نية بلاده فرض رسوم بنسبة 50% على واردات النحاس، وهو إجراء وصفه مراقبون بأنه مباغت وأثار صدمة في الأسواق العالمية.
وقال الرئيس الأميركي على منصة Truth Social: “ستبني أميركا مجددًا صناعة نحاس مهيمنة. هذه هي، في نهاية المطاف، عصرنا الذهبي!”
وتُعد الولايات المتحدة أكبر مستورد للنحاس الكندي، ويمثل هذا القرار ضربة موجعة للصناعة الكندية.
وردت وزيرة الصناعة الكندية ميلاني جولي بالقول: “سنواجه هذا القرار. نقطة على السطر.”
تصعيد متسارع ورسوم جديدة على الأدوية
ولم يتوقف التصعيد الأميركي عند النحاس، إذ هدد ترامب أيضًا بفرض رسوم بنسبة 200% على المنتجات الدوائية المستوردة من كندا، وهو ما يهدد الإمدادات الحيوية لسوق الأدوية في الولايات المتحدة، حيث تلعب كندا دورًا كبيرًا في تلبية الطلب الأميركي.
وعلّق رئيس جمعية الأدوية الجنيسة في كندا، جيم كيون، على هذه التطورات بالقول إنه يأمل أن تتمخض المفاوضات الجارية عن اتفاق تجاري يحمي الصناعة الكندية من هذا التصعيد الكاسح.
وتجد أوتاوا نفسها محاصرة بين خيارات محدودة، وسط تهديدات ترامب المتكررة واستعراضه المستمر للقوة عبر قرارات أحادية.
وعلى الرغم من أن الرئيس الأميركي غالبًا ما يشيد برئيس الوزراء الكندي مارك كارني، إلا أن سلوكه العدائي تجاه كندا لم يتغير، بل اتّسم خلال الأشهر الستة الماضية بإعادة رسم الحدود السياسية والاقتصادية بعقلية صدامية.
ووصف مراقبون الوضع الحالي بأنه تدمير تدريجي لمنظومة الثقة والشراكة التي كانت تربط الطرفين، وتحولها إلى علاقة يسودها الشك والعداء.
وقد عبّر مصدر حكومي كندي عن الواقع الجديد قائلاً: “الصداقة والاحترام المتبادل والثقة… كلها ذهبت، وما تبقى هو الخصومة والريبة.”
وتتخوف أوتاوا من أن يُحدث هذا التصعيد اضطرابات كبرى في سلاسل الإمداد الإقليمية والدولية، خاصة في ظل استمرار ترامب في استخدام الرسوم الجمركية كسلاح تفاوضي، كما حدث في قرارات سابقة تبيّن لاحقًا أنها أتت بنتائج عكسية.
ورغم كل هذه التحديات، تواصل كندا التمسك بنهج الحوار والتكامل الإقليمي، وتسعى لحماية مبادئ التعاون والاندماج الاقتصادي التي بنتها على مدى عقود. لكن في المقابل، يبدو أن واشنطن لم تعد تقابل هذه اليد الممدودة بخطوة مماثلة.
الموعد الحاسم يقترب
وبينما يقترب الأول من أغسطس، موعد تنفيذ الزيادات الجديدة بنسبة 35% على جميع السلع الكندية، تترقب الأسواق والمحللون مسار المفاوضات المعقدة، في وقت تخوض فيه كندا معركة مزدوجة للدفاع عن مصالحها الاقتصادية، والحفاظ على الاستقرار الإقليمي وسط رياح سياسية عاتية قادمة من واشنطن.
وفي ظل إدارة أميركية غير مستقرة، تتخذ قراراتها بناءً على مزاج يومي، يبدو أن العقلانية والبيانات الاقتصادية لم تعد ذات وزن في معادلة البيت الأبيض.
ومع ذلك، تواصل كندا سعيها إلى التهدئة والاحتواء، رغم غياب الطرف الآخر عن طاولة الحوار الحقيقي.
محرر أخبار في شبكة هلا كندا، يتمتّع بخبرة طويلة في مجال الصحافة والإعلام الإلكتروني