هلا كندا – بينما تستمر أماكن العمل في كندا في التأقلم مع واقع ما بعد الجائحة، يشير خبراء الموارد البشرية إلى أن عدداً متزايداً من الشركات يتجه نحو فرض سياسات أكثر تشدداً لعودة الموظفين إلى المكاتب.
ورغم التأكيد على أن العمل الحضوري يعزز الإنتاجية وروح الفريق، إلا أن المختصين يحذرون من أن طريقة تطبيق هذه السياسات هي التي ستحدد ما إذا كانت ستدعم التفاعل الوظيفي أو تضعفه.
وقالت باولا أكيتولا، الرئيسة التنفيذية لشركة “ترو نورث” للاستشارات في الموارد البشرية: “أنجح المؤسسات تنفذ هذه السياسات بعناية، من خلال إشراك الموظفين، والانفتاح على آرائهم، وتحديد نوعية الأعمال التي تتطلب الحضور الشخصي”.
وجاءت تصريحاتها بعد إعلان بنك “سكوتيا” عن سياسة إلزامية جديدة لعودة موظفيه في المقر الرئيسي بمنطقة تورنتو الكبرى، حيث سيُطلب منهم الحضور إلى المكتب أربعة أيام في الأسبوع بدءاً من سبتمبر 2025، وفقاً لتقرير صادر عن بلومبيرغ.
وكان البنك الملكي الكندي (RBC) قد أعلن عن سياسات مماثلة، في إطار توجه أوسع في المؤسسات عبر أمريكا الشمالية.
وتقول تارا باري، مديرة قسم التوظيف الدائم في شركة “روبرت هاف” الكندية للتوظيف، إن “ما بين 75 إلى 85 في المئة من الشركات حالياً تعتمد سياسة الحضور إلى المكتب أربعة أو خمسة أيام في الأسبوع”.
ورغم أن هذه السياسات تمثل عودة إلى بنية العمل التقليدية، إلا أن قادة الموارد البشرية يشددون على أهمية أسلوب التواصل في إنجاح هذه التغييرات.
وفي هذا الصدد، توضح جودي كوفيتز، الرئيسة التنفيذية لجمعية محترفي الموارد البشرية في كندا: “القرارات الإدارية وحدها لا تعزز المعنويات. الأثر الحقيقي يأتي من الشفافية ومراعاة الجانب الإنساني. عندما يوازن القادة بين الهيكلة والمرونة، تكون النتائج إيجابية”.
ويجمع الخبراء على أن المرونة لا تزال من القيم الأساسية في بيئة العمل، لكن مفهومها تغيّر بعد الجائحة، بالنسبة للبعض، تعني العمل عن بُعد، وللآخرين، تعني إمكانية المغادرة لحضور فعالية مدرسية أو الوصول متأخراً بعد توصيل الأطفال.
وتضيف باري: “بدأت الشركات تدرك أن تقديم بعض أشكال المرونة أصبح ضرورياً للحفاظ على الموظفين”.
من جهته، أوضح بنك سكوتيا أن قراره يهدف إلى تعزيز التعاون والتطور المهني، لكن الخبراء يحذرون من أن التنفيذ غير المدروس قد يضر بمبدأ الشمولية.
وتقول أكيتولا: “المرونة لم تعد ميزة إضافية، بل أصبحت مسألة عدالة، السياسات الصارمة قد تضر ببعض الفئات مثل مقدمي الرعاية، وذوي الإعاقة، والموظفين الذين يعيشون بعيداً عن المكتب أو يعتمدون على وسائل النقل العام”.
وحذّرت كوفيتز من أن تطبيق السياسات دون حوار مع الموظفين يمكن أن يؤدي إلى فقدان الثقة.
وقالت: “ما يجب تجنبه هو القرارات المتسرعة أو العشوائية، هذا قد يؤدي إلى شعور بالإحباط أو الانفصال عن بيئة العمل”.
وتضيف باري أن الكثير من الموظفين الشباب، خصوصاً من الجيل زد، يقدّرون التواجد في المكتب لما يتيحه من فرص للتعلم والإبداع والنمو المهني.
محرر أخبار في شبكة هلا كندا، يتمتّع بخبرة طويلة في مجال الصحافة والإعلام الإلكتروني