هلا كندا – يواجه رئيس الوزراء الكندي مارك كارني اختباراً صعباً في الحفاظ على توازن أجندته الاقتصادية مع القيم الديمقراطية للبلاد خلال قمة مجموعة السبع (G7) المقبلة، وذلك بعد توسيعه قائمة المدعوين لتشمل قادة متهمين بالتورط في جرائم دولية، من بينهم رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي وولي العهد السعودي محمد بن سلمان.
ورفض كارني الرد على أسئلة الصحفيين حول سبب دعوته لمودي وبن سلمان إلى القمة المقررة في كاناناسكيس، ألبرتا، مكتفياً بالصمت أثناء توجهه إلى جلسة مجلس العموم يوم الأربعاء.
لكن النائب سوك داليول، عن دائرة ساري-نيوتن في بريتش كولومبيا، قال إنه اجتمع مع كارني وأبلغه بأن مئات الكنديين أعربوا عن قلقهم من حضور مودي، في ظل اتهامه بالضلوع في “اغتيال مواطن كندي على الأراضي الكندية”، في إشارة إلى مقتل هارديب سينغ نيجار، أحد مؤيدي حركة خالستان الانفصالية، في ساري عام 2023.
وقال داليول: “نحن بلد يؤمن بحقوق الإنسان وبسيادة القانون. لقد ذكّرت كارني بما توصلت إليه القاضية ماري-جوزي هوغ خلال التحقيق في التدخل الأجنبي، حيث أكدت أن الصين والهند هما الدولتان الأكثر تدخلاً في الشأن الداخلي الكندي”.
وأضاف أن كارني أكد له بوضوح أنه “سيكون حازماً وسيتطرق لهذه القضايا” في اجتماعاته مع مودي.
ورغم مرور نحو عامين على الحادثة، تقول الشرطة الكندية إنها لم تتلقّ تعاوناً يُذكر من السلطات الهندية في التحقيقات، لكن النائب ياسر نقفي، عن دائرة أوتاوا سنتر، يرى أن الحوار رفيع المستوى قد يساعد على تحسين العلاقات.
وأشار إلى أهمية الانخراط مع اقتصاد كبير مثل الهند، التي تُعد رابع أكبر اقتصاد في العالم بحسب صندوق النقد الدولي، قائلاً: “من المهم أن نضمن سير التحقيقات بشكل مستقل عن الحكومة”.
الجدل يتجدد مع السعودية
من جهة أخرى، تثير دعوة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان تساؤلات أيضاً، خاصة بعد تورطه في مقتل الصحفي جمال خاشقجي داخل القنصلية السعودية في إسطنبول عام 2018، بحسب تقرير لوكالة الاستخبارات الأميركية.
لكن رولاند باريس، مدير كلية الشؤون الدولية بجامعة أوتاوا، يرى أن كارني “يدرك ضرورة الحوار مع دول نختلف معها إذا أردنا تحقيق أهدافنا الاقتصادية”.
وأشار إلى أن السعودية، عبر صندوقها السيادي، تعتبر “مستثمراً ضخماً”، ما يجعلها طرفاً مهماً في خطط كارني لتعزيز الاستثمار في البنية التحتية العالمية.
يُذكر أن السعودية كانت مدعوة أيضاً إلى قمة G7 التي استضافتها إيطاليا العام الماضي، لكنها لم تحضر، ولم تؤكد بعد مشاركتها في القمة الكندية.
ويرى زاكاري بايكين، الباحث في معهد السلام والدبلوماسية، أن المملكة العربية السعودية باتت تلعب دوراً محورياً كقوة إقليمية ووسيط في النزاعات، مشيراً إلى دورها في استضافة محادثات سلام بين روسيا وأوكرانيا في جدة.
ويضيف: “إذا أرادت كندا الحفاظ على مكانتها الدولية، فعليها الانخراط مع دول لا تشاركها نفس القيم”، محذراً من خطر العزلة قائلاً: “عندما تعزل كندا نفسها، فإنها تضع مصيرها بين يدي دونالد ترامب، وهذا أمر لا يمكن تحمله إذا أردنا أن نبقى دولة ذات سيادة واستقلال”.
أولويات كارني في القمة
من المتوقع أن يركز كارني خلال القمة على ملفات مثل مكافحة الجريمة العابرة للحدود، تأمين الموارد الحيوية، تعزيز أمن الطاقة، وتحسين التعاون الدولي في الاستجابة للكوارث مثل حرائق الغابات.
كما قد تشهد القمة توضيحاً أكبر لطبيعة العلاقات الاقتصادية والأمنية المستقبلية بين كندا والولايات المتحدة، خصوصاً في ظل التوترات التجارية التي أثارها الرئيس الأميركي دونالد ترامب.
ويقول رولاند باريس إن نجاح القمة سيتوقف إلى حد كبير على إدارة كارني لتقلبات ترامب، مضيفاً: “إذا خرج الاجتماع دون أن يفسده ترامب، فسيُعتبر ذلك نجاحاً. وكل ما يتحقق بعد ذلك يُعد مكسباً إضافياً”.
يُشار إلى أن آخر مرة استضافت فيها كندا قمة G7 كانت عام 2018، وانتهت حينها بانسحاب ترامب دون التوقيع على البيان الختامي.
محرر أخبار في شبكة هلا كندا، يتمتّع بخبرة طويلة في مجال الصحافة والإعلام الإلكتروني