هلا كندا – مع ارتفاع درجات الحرارة، يحذّر خبراء الصحة العامة من تزايد خطر الأمراض التي تنقلها القراد، وعلى رأسها مرض لايم، وهو تهديد صحي آخذ في الانتشار إلى مناطق جديدة في البلاد.
و حددت وكالة الصحة العامة الكندية (PHAC) آلاف المناطق الجديدة في أكثر من 1100 بلدية تعتبرها “مناطق خطر” للتعرض لمرض لايم.
وبحسب القائمة الحالية، تتركز المناطق عالية الخطورة في المجتمعات الواقعة على طول الحدود الأميركية، بالإضافة إلى المراكز السكانية الكبرى.
وفي غرب كندا، تتركز هذه المناطق في جزيرة فانكوفر، والمناطق الساحلية من البر الرئيسي الأدنى لمقاطعة بريتيش كولومبيا، وفي وديان الأنهار جنوب هذه المقاطعة.
كما تشمل تقريبًا كامل مقاطعة مانيتوبا من الشاطئ الشمالي لبحيرة وينيبيغ حتى الحدود الأميركية.
أما شرقًا، فتقع معظم السواحل الجنوبية لأونتاريو المطلة على البحيرات العظمى، بما فيها منطقة تورنتو الكبرى بأكملها، ضمن المناطق المصنفة عالية الخطورة من قبل الوكالة. كما توجد ممرات خطر على امتداد نهر سانت لورانس من بحيرة أونتاريو إلى الساحل الأطلسي، وتشمل مدن كينغستون، أوتاوا، ومونتريال.
وفي منطقة الأطلسي، تُعدّ معظم أراضي نيو برونزويك ونوفا سكوشا، بما فيها جزيرة كيب بريتون، موائل معروفة لقراد الأرجل السوداء.
وتقول فرجينى ميليان، الأستاذة المشاركة في علم الأحياء بجامعة ماكغيل، والمتخصصة في دراسة تأثير التغير المناخي على الحياة البرية بما في ذلك القراد والعوائل التي تعيش عليها، إن “مناطق الخطر آخذة في التوسع، ولن يتوقف هذا في المستقبل القريب، لأن الدافع الأساسي لذلك هو ارتفاع درجات الحرارة”.
وقد تابعت ميليان ظهور مرض لايم في كيبيك على مدى أكثر من عقد من الزمن.
وحذّرت قائلة: “الخطر لم يعد محصورًا في المناطق البعيدة أو الغابات النائية، بل أصبح موجودًا حتى في بعض المدن الكبرى التي تضم حدائق حضرية واسعة”.
ويستند تصنيف وكالة الصحة العامة لمناطق الخطر إلى بيانات من السلطات الإقليمية والمحلية، ويعتمد على ظهور تجمعات جديدة للقراد، إضافة إلى وجود كثافة سكانية بشرية معرضة لخطر العدوى.
لكن الوكالة تشير إلى أنه حتى إذا لم يكن موقعك مصنفًا ضمن منطقة خطر، فمن الضروري أن تبقى متيقظًا.
وجاء في صفحة المراقبة الخاصة بمرض لايم على موقع الوكالة: “يمكن للقراد أن ينتقل أيضًا عبر الطيور والغزلان. وقد يُعثر على قراد الأرجل السوداء في مناطق خارج نطاق تواجدها المعروف.”
وأضافت الوكالة: “ينبغي دائمًا اتخاذ احتياطات ضد لدغات القراد عند التواجد في المناطق المشجرة أو العشبية.”
القراد في تصاعد
وتشير الوكالة إلى أن تغير المناخ وارتفاع درجات الحرارة في أنحاء كندا جعلا البيئة أكثر ملاءمة لتكاثر القراد الحامل لمرض لايم، مما زاد من خطر التعرض للعدوى.
وجاء في تقرير عام 2022 حول مراقبة مرض لايم: “ما زالت معدلات الإصابة مرتفعة، نتيجة زيادة تعرض البشر لمناطق الخطر، وارتفاع احتمالية العدوى.”
وتوضح ميليان أن الفئران وغيرها من الحيوانات التي توسع نطاقها بسبب تغير المناخ تساهم في نشر القراد. وقالت: “لكي يستقر القراد في منطقة ما، عليه أن يتمكن من النجاة خلال فصل الشتاء. والشتاء هو العامل الحاسم في بقائه أو موته، لكن مع ارتفاع درجات الحرارة، أصبح بإمكانه النجاة عامًا بعد عام في مناطق أكثر شمالًا.”
ويُعدّ مرض لايم من الأمراض المعدية التي تغير حياة المصاب، وتسببه بكتيريا Borrelia burgdorferi، التي تنتقل إلى البشر عن طريق لدغة القراد. ويوجد أكثر من 40 نوعًا من القراد في كندا، والعديد منها يمكن أن ينقل مرض لايم. ويشكّل قراد الأرجل السوداء (في شرق كندا) وقراد الأرجل السوداء الغربي (في بريتيش كولومبيا) التهديد الأكبر.
وتشمل الأعراض المبكرة للمرض الحمى، التعب، تضخم الغدد اللمفاوية، وطفحًا جلديًا على شكل هدف حول موضع اللدغة. أما في المراحل المتقدمة، فقد يؤدي المرض إلى صداع شديد، التهاب المفاصل، آلام في العضلات والعظام والمفاصل، صعوبات في الذاكرة والتركيز، وشلل في الوجه، إلى جانب أعراض أخرى.
ومنذ بدء تتبعه على المستوى الوطني عام 2009، ارتفعت الحالات المبلغ عنها من بضع مئات سنويًا في أوائل العقد الماضي، إلى أكثر من 5,000 حالة وفقًا للبيانات الأولية للعام الماضي.
وقالت ميليان: “قبل عشر سنوات فقط، كانت كندا تسجل عددًا قليلاً جدًا من الحالات. انتشار الأمراض لا يسير بشكل خطّي بل بشكل أُسّي، لذا من المتوقع أن يتزايد العدد بشكل كبير جدًا.”
وتشير وكالة الصحة العامة إلى أن الكثير من الحالات لا يتم الإبلاغ عنها لأنها تمر دون تشخيص، حتى من قبل المصابين أنفسهم. كما تختلف أعداد الحالات من عام لآخر حسب الظروف الجوية، ومستوى الأنشطة الخارجية، وجهود الوقاية التي تبذلها السلطات الصحية.
محرر أخبار في شبكة هلا كندا، يتمتّع بخبرة طويلة في مجال الصحافة والإعلام الإلكتروني