هلا كندا – شهد الاقتصاد الكندي نموًا خلال الأشهر الثلاثة الأولى من العام، في وقت دفعت فيه تهديدات الرئيس الأميركي دونالد ترامب بفرض رسوم جمركية جديدة العديد من الشركات إلى زيادة الإنتاج تحسبًا لمرحلة قد تكون صعبة على الاقتصادات العالمية.
ويشير هذا الأداء إلى أن الكنديين الذين يأملون في خفض سعر الفائدة قد يضطرون للانتظار قليلًا، إذا رأت “بنك كندا” أن بيانات النمو الأخيرة لا تفرض استعجالًا في اتخاذ هذا القرار.
وقال ديريك هولت، نائب الرئيس ورئيس قسم اقتصاد الأسواق المالية في بنك سكوشيا: “الاقتصاد الكندي قوي بما يكفي ليبقي بنك كندا موقفه دون تغيير الأسبوع المقبل”.
ماذا تقول الأرقام الجديدة؟
سجّلت بيانات الناتج المحلي الإجمالي لشهر مارس نموًا بنسبة 0.1%، بعد انكماش بنسبة 0.2% في فبراير، بحسب هيئة الإحصاء الكندية.
والناتج المحلي الإجمالي هو مقياس لإنتاجية الاقتصاد من خلال احتساب القيمة الإجمالية للسلع والخدمات المنتجة، ومقارنتها بالشهور السابقة.
ومع الأخذ في الاعتبار نمو يناير بنسبة 0.4%، فإن إجمالي النمو في الربع الأول (من يناير إلى مارس) بلغ 0.5% مقارنةً بالربع الأخير من عام 2024.
وبالنظر إلى الأداء السنوي، فقد نما الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 2.2% مقارنةً بالربع الأول من عام 2024، وهو رقم تجاوز توقعات الاقتصاديين التي كانت عند 1.7%.
وقال أندرو غرانثام، كبير الاقتصاديين في CIBC: “النمو في الربع الأول تجاوز التوقعات وكان مدفوعًا بشكل أساسي بالتجارة والمخزون، على الأرجح نتيجة استعداد الشركات لمواجهة الرسوم الجمركية الأميركية. ورغم أن الصادرات والواردات ارتفعتا معًا، فإن الصادرات زادت بوتيرة أعلى”.
لماذا رفعت الشركات إنتاجها بهذا الشكل؟
أدى الخوف من ارتفاع تكاليف الإنتاج والاستهلاك بسبب سياسة ترامب الجمركية إلى تغيير في المشهد الاقتصادي في كندا والعالم، ومع أن تعديل سلاسل التوريد أو تغيير الشركاء التجاريين يتطلب وقتًا، فقد لجأت العديد من الشركات إلى زيادة الإنتاج والشحنات في الربع الأول لإنشاء مخزون استباقي يؤمّن استقرارها مؤقتًا.
وقال هولت: “الشركات قامت بتخزين المنتجات تحسبًا لأي اضطرابات محتملة في سلاسل التوريد بسبب الرسوم، الزيادة في المخزون التي دعمت نمو الناتج المحلي في الربع الأول جاءت من ارتفاع كبير في الواردات، كما أن المصدرين سارعوا إلى إيصال منتجاتهم إلى السوق قبل بدء تطبيق الرسوم”.
إلى أين يتجه الاقتصاد بعد ذلك؟
تصدر هيئة الإحصاء الكندية مؤشرات أولية مع كل تقرير، تشير إلى الاتجاه العام للتقارير المقبلة، إلى جانب مراجعات دورية للبيانات السابقة.
وتشير التقديرات الأولية لشهر أبريل إلى نمو طفيف آخر بنسبة 0.1%، مماثل لما تم تسجيله في مارس.
وبعد صدور تقارير أبريل ومايو ويونيو، يمكن تقييم أداء الاقتصاد في الربع الثاني.
ويتوقع العديد من الاقتصاديين، من بينهم محللون في بنك TD، أن يُظهر الربع الثاني نموًا سلبيًا، مما قد يؤدي إلى الدخول في “ركود تقني” إذا تكرر ذلك في ربعين متتاليين.
وقال أندرو هينسك، كبير الاقتصاديين ومدير الأبحاث في TD: “الربع الأول لم يعكس بعد التأثير الكامل للرسوم الجمركية. وإذا ارتفعت تلك الرسوم لاحقًا، فمن المتوقع أن يتراجع الطلب على المنتجات، مما سينعكس على تراجع النمو في الصادرات وبالتالي في الناتج المحلي الإجمالي خلال الأرباع القادمة”.
كيف يمكن أن يتأثر المستهلكون والأسر الكندية؟
تأثر المستهلكون الكنديون أيضًا بتوقعات الرسوم الجمركية، حيث حذرت شركات مثل متاجر البقالة العملاء من ارتفاع أسعار الضروريات.
وأظهر تقرير هيئة الإحصاء الكندية الصادر يوم الجمعة أيضًا أن معدل ادخار الأسر آخذ في الانخفاض مع تجاوز إنفاق الأسر لدخلها.
ما قد يُخفف من وطأة الأمر هو انخفاض تكاليف الاقتراض، إذ يعني ذلك انخفاضًا في أقساط الرهن العقاري وقروض السيارات وبعض خطوط الائتمان.
وسيتخذ بنك كندا قرارًا بشأن سعر الفائدة في 4 يونيو، ولكن بالنظر إلى أن تقرير الناتج المحلي الإجمالي هذا يُشير إلى استمرار نمو الاقتصاد، فقد لا يرغب البنك المركزي في خفض تكاليف الاقتراض أكثر من ذلك.