هلا كندا – واشنطن – يجري رئيس الوزراء الكندي، مارك كارني، اليوم أول لقاء مباشر له مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب في البيت الأبيض، وسط أجواء مشحونة بالتوترات التجارية والتصريحات السياسية التي ألقت بظلالها على العلاقات بين أوتاوا وواشنطن خلال الأشهر الأخيرة.
كارني، الذي وصف اللقاء المرتقب بأنه سيكون “صعبًا ولكن بنّاءً”، يعتزم فتح صفحة جديدة من العلاقات الثنائية ترتكز على اتفاق أوسع يشمل التعاون الاقتصادي والأمني بين البلدين. وتأتي هذه المبادرة في ظل استمرار العمل باتفاقية التجارة الحرة لأميركا الشمالية (CUSMA) التي تم التفاوض عليها في فترة ترامب الرئاسية الأولى.
الرئيس الأميركي أعاد مؤخرًا توجيه انتقاداته إلى كندا، متحدثًا عن فرض رسوم جمركية جديدة، بل وذهب إلى حد الإشارة إلى أن كندا قد تكون “أفضل حالًا كولاية أميركية”. هذه التصريحات أثارت استياءً واسعًا في الأوساط الكندية، سواء السياسية أو الاقتصادية.
تحضيرات كندية واستعدادات دبلوماسية
يرافق رئيس الوزراء في زيارته كل من وزير التجارة دومينيك ليبلان، وزيرة الخارجية ميلاني جولي، ووزير السلامة العامة ديفيد ماكنتي، في إشارة إلى أهمية اللقاء من الناحيتين السياسية والتجارية. ويواجه كارني تحديًا كبيرًا في تمثيل تطلعات الكنديين الغاضبين من التصعيد الأميركي، وقطاع الأعمال الذي يبحث عن الاستقرار.
وفي تصريحات للرئيس ترامب قبيل اللقاء، قال: “لست متأكدًا مما يريد الحديث عنه، لكن يبدو أنه يسعى لعقد صفقة”. ويُذكر أن ترامب كان قد اتفق في نهاية مارس مع الطرف الفائز في الانتخابات الكندية – أيًا كان – على عقد لقاء سريع لبحث مستقبل الشراكة بين البلدين.
تغير في لهجة البيت الأبيض تجاه كندا
كولين روبرتسون، الدبلوماسي الكندي السابق ونائب رئيس معهد الشؤون العالمية، أكد أن كارني يحظى بتقدير مختلف مقارنة بسلفه جاستن ترودو، حيث وصفه ترامب بأنه “رجل لطيف للغاية”، على عكس وصفه لترودو سابقًا بـ”الحاكم”. وقال روبرتسون: “الرئيس لم يسئ لكارني كما فعل مع ترودو. أعتقد أن أحد الأسباب هو أن ترامب – كمطور عقاري – يميل دائمًا لتقدير المصرفيين، وكارني يُعتبر مصرفيًا عالميًا من الطراز الأول”.
تصعيد تجاري وتحفظات استثنائية
الرئيس ترامب فرض في مارس الماضي رسوماً جمركية شاملة على المنتجات الكندية، قبل أن يتراجع جزئيًا عنها بالنسبة للواردات المطابقة لاتفاقية CUSMA. وقد شملت الرسوم منتجات الصلب، الألمنيوم، والسيارات، ما أثار قلقًا واسعًا في كندا. ومع ذلك، قدمت إدارة ترامب استثناءات لقطاع السيارات في أميركا الشمالية، وأبدت رغبتها بالحفاظ على علاقات بناءة مع كندا والمكسيك.
وأكد ممثل التجارة الأميركي، جيميسون غرير، في مقابلة مع شبكة “فوكس نيوز” الأسبوع الماضي، أن الإدارة الأميركية “ترغب بشدة في الحفاظ على علاقة صحية في أمريكا الشمالية”.
موقف كندي موحد
رئيس حكومة بريتش كولومبيا، ديفيد إيبي، دعا كارني إلى التمسك بالمواقف الوطنية وعدم التهاون مع أي ضغوط أميركية. وقال: “أريده أن يكون قويًا، لا يسمح بإهانة الرئيس، وأن يكون بنّاءً ويؤكد على الرخاء المشترك الذي يمكن توسيعه بالتعاون”.
اللقاء بين كارني وترامب يُعد اختبارًا حقيقيًا للنهج الكندي الجديد في التعامل مع إدارة ترامب الثانية، في ظل بيئة سياسية وتجارية معقدة، وتطلعات شعبية لموقف حازم ومتوازن
هيثم حمد، مؤسس ورئيس تحرير شبكة هلا كندا الإعلامية، خبير في الإعلام الرقمي والاستراتيجيات الإعلامية، يتمتّع بخبرة واسعة في قيادة المشاريع الإعلامية وبناء منصات مؤثرة في كندا والعالم العربي.