رئيس التحرير: هيثم حمد
هلا كندا – يتوجه الكنديون اليوم الاثنين إلى صناديق الاقتراع للمشاركة في انتخابات تاريخية، هيمنت عليها قضايا مثل القدرة على تحمّل تكاليف المعيشة، والرسوم الجمركية، والتهديدات الأخيرة من الإدارة الأميركية بضم مناطق كندية.
وفي حال فاز حزب المحافظين بقيادة بيير بولييفر، ستنتهي قرابة عقد من الحكم الليبرالي الذي بدأ في عام 2015 بقيادة رئيس الوزراء السابق جاستن ترودو. أما في حال تمكّن الليبراليون بقيادة مارك كارني من الاحتفاظ بالسلطة، فسيُمنح الاقتصادي المخضرم، الذي يعد حديث العهد سياسيًا، تفويضًا لقيادة كندا في فترة تتسم بعدم اليقين.
بغض النظر عن الفائز في انتخابات 28 أبريل، سيواجه رئيس الوزراء المقبل تحديًا سريعًا مع إدارة أميركية متقلبة شككت في سيادة كندا وقلبت استقرار العلاقات التجارية رأسًا على عقب. داخليًا، يتطلع الكنديون إلى تحركات سريعة لوقف الارتفاع المتواصل في تكاليف المعيشة.
مع اشتداد المنافسة في هذه الانتخابات، تواجه أحزاب مثل الحزب الديمقراطي الجديد بقيادة جاجميت سينغ، والكتلة الكيبكية، وحزب الخضر معركة سياسية حاسمة من أجل البقاء. ومن المقرر أن تفتح أولى مراكز الاقتراع أبوابها في نيوفاوندلاند الساعة 8:30 صباحًا بالتوقيت المحلي، وتُغلق آخرها في بريتيش كولومبيا بعد 15 ساعة. وقد شهدت الانتخابات الحالية إقبالًا قياسيًا على التصويت المبكر، حيث أدلى أكثر من 7.3 مليون كندي بأصواتهم، مقارنة بـ5.8 مليون في انتخابات عام 2021.
كان المحافظون يتصدرون استطلاعات الرأي قبل إعلان جاستن ترودو استقالته تحت ضغط داخلي وخارجي متزايد. غير أن قيادة مارك كارني للحزب الليبرالي دفعت به إلى التقدم في معظم استطلاعات الرأي، رغم أن الفارق تقلص في الأيام الأخيرة من الحملة الانتخابية.
تحولت الانتخابات إلى ما يشبه الاستفتاء على سجل الحكومة الليبرالية، وإلى تساؤل حول من هو الأقدر على التعامل مع الإدارة الأميركية الجديدة والأزمة الاقتصادية. ومع تقارب النتائج بين الليبراليين والمحافظين، لم يكن بالإمكان التنبؤ بنتيجة حاسمة قبل يوم التصويت.
وفقًا للخبراء، فإن الفارق بين الحزبين المتصدرين لا يتجاوز بضع نقاط مئوية، ما يجعلها واحدة من أكثر الانتخابات تنافسًا في تاريخ كندا الحديث. كما أشاروا إلى أن النظام الانتخابي الكندي قد يؤدي إلى فوز حزب بعدد مقاعد أكبر رغم حصوله على أصوات أقل من منافسيه.
رئيس الوزراء القادم سيواجه كذلك تحديات تتعلق بوحدة البلاد، مع وجود انقسامات واضحة بين دعم المناطق الشرقية والغربية.
أما بالنسبة للأحزاب الأصغر مثل الحزب الديمقراطي الجديد والكتلة الكيبكية وحزب الخضر، فهي تواجه خطر التراجع مع تسجيل دعم أقل من 5% في استطلاعات الرأي الأخيرة قبل يوم التصويت.
ويتشارك المرشحان الرئيسيان في بعض الخلفيات المهنية؛ إذ عمل كل من بيير بولييفر ومارك كارني مع رئيس الوزراء الأسبق ستيفن هاربر. وشغل كارني منصب محافظ بنك كندا بين 2008 و2013 قبل أن يتولى منصب محافظ بنك إنجلترا حتى عام 2020، حيث حظي بإشادة واسعة لدوره في تجاوز الأزمة المالية العالمية وأزمة البريكست.
مارك كارني، الذي دخل عالم السياسة لأول مرة هذا العام، عمل مستشارًا اقتصاديًا للحكومة الليبرالية بعد مغادرته القطاع المصرفي. أما بيير بولييفر، فقد رسّخ حضوره السياسي بعد انتخابه نائبًا في البرلمان لأول مرة في عام 2004، قبل أن يشغل مناصب وزارية في حكومة هاربر.
برز بولييفر بشكل لافت خلال دعمه لاحتجاجات “قافلة الحرية” عام 2022، وحاول استثمار حالة الغضب الشعبي ضد الحكومة الليبرالية الحالية. خلال الحملة، حاول المحافظون تصوير كارني كجزء من المنظومة الليبرالية القديمة، بينما صوّر الليبراليون بولييفر كسياسي شعبوي يفتقر إلى الخبرة اللازمة لمواجهة التحديات الاقتصادية والدبلوماسية الراهنة.
وفي مناظرة القادة باللغة الإنجليزية، خاطب بولييفر الناخبين قائلًا: “هل تكلفة المعيشة اليوم أفضل مما كانت عليه قبل عشر سنوات؟ هل أنتم مستعدون لإعادة انتخاب نفس النواب الليبراليين والوزراء الليبراليين مرة أخرى لولاية رابعة؟”
يُذكر أن كلا المرشحين نشأا في مقاطعة ألبرتا، ويتنافسان حاليًا على مقعدين مجاورين في العاصمة أوتاوا. بينما يملك بولييفر خبرة تتجاوز العشرين عامًا في البرلمان، فإن كارني أصبح أول رئيس وزراء كندي يتولى المنصب دون أن يكون قد سبق له الفوز بأي انتخابات.
قال كارني خلال حملته: “على عكس بيير بولييفر، لقد أدرت ميزانيات، وأدرت اقتصادات، وأدرت أزمات. هذه مرحلة تتطلب خبرة، لا تجارب.”
هيثم حمد، مؤسس ورئيس تحرير شبكة هلا كندا الإعلامية، خبير في الإعلام الرقمي والاستراتيجيات الإعلامية، يتمتّع بخبرة واسعة في قيادة المشاريع الإعلامية وبناء منصات مؤثرة في كندا والعالم العربي.


