هلا كندا – في ظل تصاعد الدعوات الانفصالية في مقاطعة ألبرتا، تسخر جماعات السكان الأصليين وخبراء القانون الدستوري من فكرة انفصال المقاطعة عن كندا، ويؤكدون أن هذا السيناريو بعيد عن الواقع، بل ومعقد إلى درجة كبيرة من الناحيتين القانونية والسياسية.
ومع الحديث عن إمكانية إجراء استفتاء في عام 2026، يرى المراقبون أن حتى التصويت بـ”نعم” لن يؤدي تلقائيًا إلى الاستقلال، بل سيشكّل بدايةً لسلسلة طويلة من التحديات القانونية والدستورية التي قد تستغرق سنوات، وتبدأ أولًا وأساسًا بجماعات السكان الأصليين التي تملك حقوقًا تاريخية محمية بموجب المعاهدات مع التاج الكندي.
في هذا السياق، عقد رؤساء المعاهدات في ألبرتا اجتماعًا طارئًا يوم الثلاثاء لمناقشة هذه التطورات. وقال تروي بوسمان نولتون، زعيم أمة بيكاني، في تصريح شديد اللهجة:
“هذه دولة خاضعة للمعاهدة، وأي حديث عن الانفصال ضربٌ من الجنون… يمكنكم إجراء كل الاستفتاءات التي تريدونها، لكننا لن نغادر أراضينا”.
وقد وقف خلف نولتون أكثر من 20 زعيمًا من زعماء الأمم الأولى، ملوحين بإيقاف أي نشاط تنموي أو استكشافي على أراضيهم، إذا لم تُؤخذ مواقفهم بجدية.
ووجّه نولتون رسالة مباشرة إلى رئيسة وزراء ألبرتا، دانييل سميث، مطالبًا إياها بالتوقف عن دعم مشروع الانفصال، مؤكدًا:
“لن نرحل من هنا، وإذا كنتم تواجهون مشكلة معنا، أنتم من يجب أن يغادر”.
السكان الأصليون، الذين يتمتعون بوضع قانوني خاص وحقوق تقرير المصير وفقًا لإعلان الأمم المتحدة بشأن حقوق الشعوب الأصلية (UNDRIP)، يشكلون حجر عثرة قانونيًا في أي محاولة للانفصال. وتؤكد الأستاذة كاثلين ماهوني من كلية الحقوق بجامعة كالجاري أن:
“المعاهدات هي التزامات قانونية بين التاج والشعوب الأصلية، وأي محاولة لإنهائها تتطلب موافقة تلك الشعوب، وهو أمر بالغ التعقيد”.
أما الخبير الدستوري بجامعة ألبرتا، البروفيسور إريك آدامز، فيؤكد أن الخطوة التالية لأي تحرك انفصالي ستكون تعديلًا دستوريًا جذريًا، وهو أمر شبه مستحيل من دون موافقة مجلس العموم وثلثي المقاطعات الأخرى التي تمثل 50% من عدد سكان البلاد.
وأشار آدامز إلى أن:
“حتى لو تم التوصل إلى اتفاق محلي، فإن نيل الاعتراف الدولي سيكون معقدًا للغاية، خاصة في ظل تحالفات كندا القوية مع الديمقراطيات الغربية”.
وفي الوقت ذاته، تؤكد دانييل سميث أنها ستحترم المعاهدات مع الشعوب الأصلية، لكنها لم تعلن موقفًا واضحًا حول إمكانية المضي قدمًا في مشروع الانفصال، ما يزيد من حالة الغموض حول مستقبل هذا الطرح.
خلفية إضافية:
- تعود جذور فكرة استقلال ألبرتا إلى مشاعر التهميش التي يشعر بها بعض السكان بسبب السياسات الفيدرالية المتعلقة بالطاقة والضرائب.
- سبق أن طُرحت فكرة الانفصال في كيبيك مرتين عبر استفتاءين عامي 1980 و1995، وانتهى كلاهما بالتصويت ضد الانفصال.
- يُذكر أن المحكمة العليا الكندية قضت في عام 1998 بأن أي استفتاء ناجح للانفصال يجب أن يعقبه تفاوض رسمي بين الحكومات، ولا يعني إعلانًا أحاديًا للاستقلال.
هل ترغب في إضافة هذا الخبر ضمن تغطية شاملة حول القضايا الفيدرالية والانفصالية في كندا؟
هيثم حمد، مؤسس ورئيس تحرير شبكة هلا كندا الإعلامية، خبير في الإعلام الرقمي والاستراتيجيات الإعلامية، يتمتّع بخبرة واسعة في قيادة المشاريع الإعلامية وبناء منصات مؤثرة في كندا والعالم العربي.