بقلم: هيثم حمد – رئيس تحرير هلا كندا
مع اقتراب موعد الانتخابات الفيدرالية الكندية، المقررة في 28 ابريل 2025، تزداد الأسئلة من المتابعين والأصدقاء حول البرامج الحزبية والخيارات الأفضل في ظل تحديات اقتصادية واجتماعية غير مسبوقة تمر بها كندا. ومع الحرص دائمًا على تقديم تغطية محايدة تسلط الضوء على مواقف جميع الأحزاب، بدون انحياز أو تفضيل، إيمانًا بحق المواطن الكندي في اتخاذ قراره بحرية وبناءً على معلومات دقيقة وواضحة.
أكثر ما يؤلم الكنديين ومن يعيش في كندا اليوم هو ارتفاع أسعار تكلفة الحياة في كندا والمواد الأساسية، من الغذاء إلى الوقود والإيجار. ويطرح الجميع السؤال ذاته: “من يستطيع أن يعيد الاستقرار؟” يستشيرني كثير من المتابعين يوميًا عبر الرسائل والمكالمات الخاصة، يسألون: “من ننتخب؟ من لديه الحل؟”
واقولها بصراحة نحن لا نملي على الناس توجهاتهم، بل نقدم التحليل والشرح لجميع البرامج السياسية، ونبيّن الفروقات بينها، ليقرر المواطن بنفسه. وأهم ما يجب أن يبحث عنه الناخب اليوم هو برنامج يعالج أسباب التضخم، لا آثاره فقط.
هنا ستستعرض بعض اهم النقاط التي قد تفيد أبناء المجتمع العربي في كندا ممن يحق لهم الادلاء بأصواتهم في الانتخابات المقبلة!
الاقتصاد في عين العاصفة: إرث ترودو وتداعيات الخارج
لا شك أن الاقتصاد سيكون العنوان الأكبر في هذه الانتخابات. فكثير من المواطنين الكنديين لا يزالون يشعرون بتبعات السياسات الاقتصادية التي انتهجتها حكومة رئيس الوزراء السابق جاستين ترودو، خاصة فيما يتعلق بالعجز، وإنفاقات الجائحة، وارتفاع تكلفة المعيشة. في الوقت ذاته، نواجه تحديات جديدة ناجمة عن سياسات التعرفات الجمركية التي اقرتها الولايات المتحدة، وخاصة في ظل عودة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي فرض مؤخرًا تعرفات جمركية على عشرات الدول ومنها كندا – ما أثر بشكل مباشر على التجارة الكندية.
الموضوع الأبرز أيضا ضريبة الكربون التي فرضتها الحكومة الليبرالية السابقة بزعامة ترودو، والتي تم ازالتها مؤخراً من قبل رئيس الوزراء الجديد مارك كارني وادت الى انخفاض ملموس على أسعار الوقود، حيث يتساءل العديد من الكنديين لماذا كنا ندفع كل هذه الأموال؟
وفي نفس السياق، تقدم الحزب المحافظ رؤية تركّز على خفض الضرائب، دعم الأعمال، وضبط الإنفاق ودعم الاقتصاد وبناء المنازل من خلال سن بعض القوانين التي تدعم قطاع البناء. وفي المقابل، يطرح الحزب الليبرالي برامج للاستثمار في البنية التحتية والتحول الأخضر لدفع عجلة الاقتصاد. أما الحزب الديمقراطي الجديد (NDP) فيدعو لفرض ضرائب أكبر على الأثرياء والشركات الكبرى لدعم الخدمات العامة.
الأمن والجرائم: قلق متصاعد في الشوارع
بعد ان كانت كندا تعتبر واحة من الأمان على مستوى العالم وكانت الجرائم اذا حدثت تعتبر بنسب قليلة جداً، اصبحت اليوم واحدة من أكثر القضايا التي يتحدث عنها الكنديون يومياً، خاصة في المدن الكبرى مثل تورنتو ومونتريال وفانكوفر، حيث تصاعدت نسب الجرائم، وخاصة سرقة السيارات، اقتحام المنازل، والسطو على محلات المجوهرات. فخلال العام الماضي، تضاعفت البلاغات عن سرقات السيارات مقارنة بـسابقتها، وأصبح المواطن الكندي يشعر أن أمنه الشخصي مهدد بشكل مستمر.
وفي هذا الشأن، الأحزاب اختلفت في طروحاتها: فالمحافظون يطالبون بتشديد العقوبات وإلغاء قانون الكفالة للمجرمين الذين يكررون جرائمهم وتوفير دعم أكبر للشرطة، بينما الليبراليون يركزون على الوقاية المجتمعية وبرامج إعادة التأهيل، اما حزب الـNDP فهو يدفع نحو حلول متكاملة تشمل العدالة الاجتماعية والحد من الفقر كوسيلة لمحاربة الجريمة.
ملف الهجرة والإقامات المؤقتة: بين الأمل والتعقيد
تُعد الهجرة من أبرز المواضيع التي تلامس حياة الآلاف في الجالية العربية وغيرها من الجاليات في كندا. وعلى وجه الخصوص، تتجه الأنظار إلى كيفية تعامل الأحزاب مع ملف الإقامات المؤقتة، سواء للطلبة الدوليين، أو العمال المؤقتين، أو طالبي اللجوء. فقد شهدت السنوات الأخيرة تراكمات وتأخيرات كبيرة في ملفات لمّ الشمل، وتجديد الإقامات، وتعديل الوضع القانوني، مما خلق حالة من القلق لدى كثير من الأسر.
يطرح الحزب الليبرالي برامج لتسريع المسارات نحو الإقامة الدائمة لبعض الفئات مثل العمال الأساسيين، ويؤكد على دعم لمّ الشمل، لكنه يواجه انتقادات بسبب بطء الإجراءات. أما الحزب المحافظ، فيُركز على الهجرة الاقتصادية ذات المهارات العالية، مع توجه لتقليل الهجرة الإنسانية، ويشدد على “الحفاظ على نظام هجرة آمن ومنظم”. في المقابل، يدعو الحزب الديمقراطي الجديد (NDP) إلى منح مسارات واضحة ودائمة للمهاجرين المؤقتين، وإلغاء برامج العمل التي تعتمد على أصحاب العمل وتضع العمال تحت رحمتهم، مع مزيد من الدعم للمهاجرين واللاجئين.
رسالة أخيرة: صوتك مسؤوليتك
مع اقتراب موعد 28 ابريل 2025، أحثّ كل متابعينا على التوجه إلى صناديق الاقتراع والمشاركة الفاعلة. الانتخابات ليست مجرد حدث سياسي، بل فرصة للتعبير عن صوتك وتحديد مستقبل بلدك.
نحن في “هلا كندا” نعمل مع الجميع، ونعكس كل وجهات النظر، ونفتح منبرنا لكل مرشح أو حزب يريد التواصل مع المجتمع العربي. مهمتنا أن نقدم المعلومة، وأنت تقرر.
في النهاية، لا تنتظر أن يقرر الآخرون مستقبلك – صوتك هو أقوى أداة تغيير تمتلكها.