هلا كندا – عاشت مويرا روبرتسون سنوات طويلة من المعاناة قبل حصولها على تشخيص رسمي بالتوحد في سن الثالثة والعشرين، بعد أن فقدت فرصة الحصول على الدعم الحكومي الذي كانت بأمسّ الحاجة إليه.
ونشأت روبرتسون، البالغة اليوم 25 عاماً، في مقاطعة بروس الواقعة على بُعد ساعتين ونصف من تورونتو، حيث ندر وجود الأطباء المتخصصين في تشخيص التوحد. وبعد خمس سنوات من الانتظار، تمكنت من زيارة طبيب نفسي خارج منطقتها حصلت منه أخيراً على التشخيص.
وقالت روبرتسون إنها تريد تحويل الاهتمام من الخطاب السياسي الأميركي حول “أزمة التوحد” إلى التركيز على دعم النظام الصحي الكندي، من خلال توفير الموارد اللازمة لتشخيص الحالات في وقت مبكر، لما لذلك من أثر مباشر على الدعم المالي والصحي والتعليمي.
وأوضحت أنها افتقدت خلال دراستها الجامعية إلى التسهيلات السمعية والمساندة النفسية المناسبة، واضطرت للنضال للحصول على أبسط أشكال التكييف في قاعات الامتحانات.
وأظهرت دراسة لجمعية طب الأطفال الكندية عام 2018 أن فترة الانتظار لتشخيص التوحد قد تمتد من سبعة أشهر إلى عامين، بينما تصل لدى البالغين إلى عامين ونصف، وفق بيانات مركز الإدمان والصحة العقلية في كندا.
وأكد خبراء ومناصرون لذوي التوحد أن تقليص فترات الانتظار يتيح للأطفال الحصول على الدعم الحكومي في مراحل مبكرة من نموهم. وفي حالة روبرتسون، اضطرت عائلتها في النهاية إلى دفع تكاليف التشخيص الخاص من مالها بعد طول انتظار.
وقالت روبرتسون إن حصولها على التشخيص الرسمي سهّل كثيراً إجراءات الدعم، لكنها فقدت سنوات من المساندة النفسية والاجتماعية التي كان يمكن أن تغيّر مسار حياتها، مشيرة إلى أن خلفيتها العائلية الميسورة ساعدتها على الحصول على التشخيص، على عكس كثيرين من خلفيات مختلفة.
وفي سياق متصل، روت سيوي تشين، التي شُخّصت بالتوحد في سن السابعة عشرة، أن تأخر تشخيص النساء، خصوصاً من الأقليات العرقية، مشكلة شائعة، إذ لا يدرك بعض الأطباء أن التوحد قد يظهر بشكل مختلف لدى الفتيات أو الأطفال من خلفيات ثقافية متنوّعة.
وبيّنت دراسة لجامعة كولومبيا البريطانية أن معايير التشخيص كانت أكثر حساسية لدى الذكور، نتيجة تركّز الأبحاث السابقة على الأولاد والرجال، فيما أظهرت دراسة أميركية عام 2023 أن الفتيات يُشخّصن بالتوحد بعد الأولاد بعام إلى عامين بحسب خلفيتهن العرقية.
وتشغل تشين حالياً منصب نائب رئيس مجلس إدارة الشبكة الوطنية للتوحد في كندا، وهي هيئة استشارية للحكومة في إطار الاستراتيجية الوطنية للتوحد التي أطلقتها أوتاوا العام الماضي. وتعدّ التشخيص المبكر أولوية أولى في هذه الاستراتيجية التي خُصص لها 6.3 ملايين دولار على مدى خمس سنوات.
وقالت تشين إن هذه الخطوة تمثل بداية مهمة لكنها تحتاج إلى تنفيذ فعلي من خلال تطوير أدوات تشخيص جديدة وتمويل البرامج الداعمة.
من جهته، أوضح مادي ديفر، وهو والد لأربعة أبناء من ذوي التوحد، أن تأهيل الأطباء ومقدمي الرعاية الأولية على تشخيص التوحد يمكن أن يقلّص فترات الانتظار، مشيراً إلى برنامج “ECHO” الذي يدرّب الأطباء والممرضين عبر الإنترنت على التعامل مع الحالات وتشخيصها بثقة.
وأظهرت دراسة لمستشفى “هولاند بلورفيو” عام 2023 أن أطباء الأطفال قادرون على تشخيص التوحد بدقة عند تزويدهم بالتدريب الكافي، ما يساهم في تقليص قوائم الانتظار المتزايدة منذ جائحة كورونا.
وفي مشهد مؤثر، روت روبرتسون أنها كانت في جلسة تعليمية افتراضية ضمن برنامج “ECHO” حين رأت الطبيب نفسه الذي رفض تشخيصها في طفولتها يشارك في التدريب، مشيرة إلى أنه بات اليوم يشخّص الأطفال في منطقتها الريفية.
وقالت بأسف: “لو كنت طفلة تزور ذلك الطبيب اليوم، لكان اكتشف الأمر فوراً، ولكان تشخيصي المبكر غيّر مسار حياتي بالكامل”.
محرر أخبار في شبكة هلا كندا، يتمتّع بخبرة طويلة في مجال الصحافة والإعلام الإلكتروني


